تحذيرات من انتشار شلل الأطفال

"لا تطعيمات".. الاحتلال يمعن بنشر الأمراض بين أطفال غزة

تقارير وحوارات

غزة/سماح المبحوح:
لم تنتهي أساليب ووسائل الاحتلال الإسرائيلي العديدة القاضية لإبادة أطفال قطاع غزة والحد من زيادة عددهم، فتارة يقتلهم بالقصف وتارة أخرى يمنع عنهم الادوية والتطعيمات اللازمة لتفادي إصابتهم بالأمراض التي قد تتسبب بوفاتهم.
ومؤخرا، أعلنت وزارة الصحة في قطاع غزة تعليق حملة التطعيم ضد شلل الأطفال التي تدعمها الأمم المتحدة.
وأوضحت الوزارة في بيان، إن "إسرائيل" تمنع إدخال اللقاحات الواقية من شلل الأطفال لأكثر من شهر.
وقالت الوزارة إن "منع إدخال التطعيمات يعيق جهود تنفيذ المرحلة الرابعة لتعزيز الوقاية من شلل الأطفال"، محذرا من 602 ألف طفل يتهددهم خطر الإصابة بالشلل الدائم والإعاقات المزمنة إذا لم تدخل التطعيمات.
يشار إلى أنه في أيلول/ سبتمبر 2024، انطلقت الحملة الأولى للتطعيم ضد مرض شلل الأطفال في غزة، بعد الإعلان في آب/ أغسطس عن تسجيل أول إصابة مؤكدة بفيروس شلل الأطفال في القطاع، لطفل عمره 10 شهور.
وانتهت الحملة آنذاك بتطعيم أكثر من 560 ألف طفل، وفق ما أعلن مدير عام منظمة الصحة العالمية، تيدروس أدهانوم غيبريسوس.
وفي تشرين الثاني/ نوفمبر 2024، انتهت المرحلة الثانية، بتطعيم 556 ألفا و774 طفلا دون العاشرة في القطاع، فيما انطلقت الحملة الثالثة في شباط/ فبراير الماضي، وانتهت بتطعيم نحو 600 ألف طفل، دون سن العاشرة.
وبحسب الأمم المتحدة، يحتاج أطفال غزة إلى جرعتين من اللقاح، كل منهما على شكل نقطتين عن طريق الفم.
ومنعت حكومة الاحتلال في 2 مارس/ آذار الماضي، دخول المساعدات الإنسانية والطبية والوقود إلى القطاع، وذلك قبل أيام فقط من انهيار وقف إطلاق نار هش بعد 15 شهرًا من الحرب المتواصلة.
وتُعد هذه المساعدات حيوية بالنسبة لسكان غزة البالغ عددهم 2.4 مليون فلسطيني في ظل أزمة إنسانية غير مسبوقة يمر بها القطاع جراء الحرب وتداعياتها.
خوف وقلق كبيرين
ولم تخف الأمهات خاصة في القطاع المنكوب خوفهن وقلقهن الشديد على أطفالهن، جراء منع الاحتلال دخول التطعيم ضد شلل الأطفال، فحالهن المبكي يقول:" إذا لم يمت أطفالنا بالقصف ماتوا من قلة الأدوية والتطعيمات".
أم خالد حماد، احدى الأمهات التي أبدت قلقا شديدا على بناتها الصغار جراء قرار الاحتلال منع دخول التطعيم منذ أكثر من شهر، مشيرة إلى أن بنتها الكبيرة 5 أعوام والصغيرة عامان، وبذلك يصبحن أكثر عرضة للإصابة بالمرض.
ولفتت خلال حديثها لـ "الاستقلال" أنه في ظل ندرة المياه الصالحة للشرب وشح الطعام الصحي والجيد، فإن مناعة بناتها أصبحت قليلة وبالتالي أجسادهن ضعيفة لا تقوى على الأمراض.
وقالت:" أحاول قدر المستطاع شراء فيتامينات ومقويات من الصيدلية في محاولة لتقوية ورفع مناعتهن، في حال تعرضن لأي عدوى أو مرض، لا سمح الله".
أما أم العبد عودة فلم تكن أحسن حالا من سابقتها، فهي الأخرى لم تخف مشاعر الخوف والقلق على أبنائها الأربعة، في ظل الحديث عن وجود فيروس شلل الأطفال في مياه الصرف الصحي.
وأكدت عودة التي تقطن في خيمة تحيطها مياه الصرف الصحي أنها تحاول مرارا وتكرارا منع اطفالها من الخروج من الخيمة، لكن محاولاتها في كثير من الأحيان تبوء بالفشل، في ظل هربهم من الحر الشديد للشارع.
وتمنت خلال حديثها لـ"الاستقلال" أن يسمح الاحتلال خلال الساعات القادمة بدخول التطعيمات والأدوية اللازمة لتفادي انتشار الأمراض في القطاع بين المواطنين خاصة الأطفال لضعف أجسادهم الصغيرة.
يؤدي للوفاة
د. أمين ثلجي طبيب أطفال وحديثي الولادة ورئيس اللجنة الاستشارية للتطعيمات بفلسطين، حذر من انتشار مرض شلل الأطفال بقطاع غزة، جراء منع الاحتلال الإسرائيلي دخول التطعيم اللازم للقضاء عليه ومنع انتشاره.
وقال ثلجي في حديثه لـ "الاستقلال" بعد فحص عينات من مياه الصرف الصحي قبل أشهر من الآن تم اكتشاف وجود فيروس شلل الأطفال بالقطاع، وهو ما يشكل خطورة على الأطفال خاصة دون 8 سنوات ويزيد من احتمالية إصابة عدد كبير منهم بالمرض".
وأضاف:" تم تسجيل حالة لطفل مصاب بالمرض بالقطاع، وبناء عليه تم رفع توصية للجهات الدولية بضرورة تطعيم الأطفال من جرعتين لثلاثة لتفادي انتشاره واكسابهم مناعة تقوي اجسادهم، وحينها اليونيسف استجابت وأرسلت كميات من التطعيم"، مشيرا إلى أن الكميات لم تكن كافية لجميع الأطفال دون 8 سنوات.
ولفت إلى أن شلل الأطفال واحد من الأمراض والأوبئة المعدية التي ظهرت بفعل حرب الإبادة الجماعية الإسرائيلية على القطاع، وجرى تطعيم مئات الآلاف من الأطفال على 3 مراحل، آخرها كان في فبراير/ شباط المنصرم، متأملا تطعيم مزيد من الأطفال حتى لا يصابوا بالمرض.
وأكد أن شلل الأطفال المعروف أيضا بالتهاب سنجابية النخاع، هو مرض يسببه فيروس يؤثر بشكل رئيسي على الحبل النخاعي أو جذع المخ، ويمكن في أشد حالاته تفاقمًا أن يؤدي إلى فقدان القدرة على تحريك أطراف معينة، كما قد يؤدي إلى صعوبة في التنفس، وفي بعض الأحيان إلى الوفاة.
وأوضح أن الحالة الشديدة من المرض التي تؤثر على القدرة على التنفس ويمكن أن تُسبب الوفاة، قد تشمل المضاعفات طويلة الأجل للأشخاص المتعافين وهي، الشلل الدائم، قصر العضلات التي تُسبب تشوه العظام أو المفاصل، والألم المزمن وغيرها.
كما حذر من انتشار الحالات المرضية نتيجة انتشار أمراض الجهاز التنفسي والهضمي والجلدية، جراء شح المياه الصالحة للشرب واختلاطهم بالمياه العادمة.
وشدد على أن الاحتلال يتعمد استخدام كافة الوسائل والأساليب المسببة الموت البطيء بين المواطنين بقطاع غزة خاصة فئة الأطفال وكبار السن والمرضى الأقل مناعة والأكثر عرضة للأمراض.

التعليقات : 0

إضافة تعليق