غزة/ سماح المبحوح:
على مدار عمر حرب الإبادة الاسرائيلية على قطاع غزة الذي شارف على العامين، لم تسلم الطواقم الصحفية ولا الطبية من استهداف طائرات وآليات الاحتلال المتعمد والمتكرر، ضاربا بعرض الحائط القوانين الدولية التي تدعو لحمايتهم كمدنيين.
على الهواء مباشرة وأمام أعين العالم، ارتكبت الاحتلال الاسرائيلي مجزرة وحشية بحق 5 صحفيين كانوا ينقلون الحقيقة للعالم وسط الحرب والمجازر في مجمع ناصر الطبي بخانيونس جنوب قطاع غزة، وأسفرت عن استشهادهم جميعا وإصابة آخرين.
واستشهد المصور معاذ أبو طه، والمصور محمد سلامة من قناة الجزيرة، والمصور حسام المصري، والمصورة مريم أبو دقة، وأحمد أبو عزيز في جريمة موحشة كشفت حجم الاستهداف المتعمد للأعلام والصحفيين في غزة.
ووفق إحصاءات المكتب الاعلامي الحكومي في القطاع، قتلت "اسرائيل" 244صحفيا فلسطينيا، آخرهم الصحفيون الخمسة الذين استشهدوا في قصف مجمع ناصر.
وفي المجزرة ذاتها، استشهد وأصيب عدد من الطواقم الطبية أثناء محاولتهم إنقاذ الصحفيين في الضربة الأولى، حيث عملت طائرات الاحتلال على توجيه ضربة مزدوجة، أدت لقتل خمسة صحفيين.
استهداف مباشر ومتعمد
نائب نقيب الصحفيين د. تحسين الأسطل، أكد أن الاحتلال الاسرائيلي يتعمد بشكل مباشر استهداف الطواقم الصحفيين، مشيرًا أنه لأول مرة يتم توثيق جريمة قتل الطواقم الصحفية والطبية بمجمع ناصر الطبي أمام الكاميرات وعلى الهواء مباشرة، فيما 240صحفي لم يتم توثيق جريمة مقتلهم.
وقال الأسطل لـ "الاستقلال" :" طالبنا بضرورة توفير الحماية للصحفيين وضرورة التحقيق مع قتلة الصحفيين بشكل فعلي، وتنفيذ قرار مجلس الأمن "2222"الداعي لحماية الصحفيين وتمكينهم للوصول لأماكن النزاع والصراع، لكن دون جدوى".
واضاف:" نعتقد وجود تقاعس من المنظمات الدولية والأمم المتحدة ومجلس الأمن في تنفيذ هذه القرارات، ما أعطى مؤشر لدولة الاحتلال بأن لديه ضوء أخضر بالمضي لقتل الصحفيين، مطالبا الأمم المتحدة ومجلس الامن بموقف واضح بتجريم دولة الاحتلال وتوفير الحماية لهم والسماح بدخول الصحفيين الأجانب لقطاع غزة، الذي يرفض الاحتلال دخولهم حتى الآن.
وشدد على أنه لم تعد الطواقم الصحفية والطبية والخدماتية وطواقم الإغاثة الدولية والمحلية في مأمن من نيران الاحتلال، لذلك مطلوب من مجلس الأمن أن يتحمل مسؤولياته بشكل عاجل ويرسل طواقمه للقطاع، ويتخذ قرارات ضد حكومة الاحتلال.
قلق من تحولها لظاهرة
رئيس الهيئة الدولية لدعم حقوق الشعب الفلسطيني "حشد" صلاح عبد العاطي أكد بأن جرائم الاحتلال الاسرائيلي في قطاع غزة والضفة الغربية تنتهك وبشكل صارخ كافة قواعد القانون الدولي الإنساني ومعايير حقوق الإنسان، وتدابير محكمة العدل الدولية وقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة.
وأوضح عبد العاطي لـ"لاستقلال" أنه في الوقت الذي تدين فيه الهيئة بشدة هذه الجرائم، فأنها تعبر عن بالغ قلقها وخشيتها من تحول المجازر اليومية والابادة الجماعية والمجاعة وباقي جرائم الاحتلال الإسرائيلي إلى ظاهرة عادية في نظر الدوائر الدولية.
ورأى أن المؤسسات الدولية فقدت القدرة على التحرك والفعل المؤثر، خاصة عجز مجلس الأمن الدولي عن القيام بمهامه جراء الفيتو الأمريكي، اضافة الي عدم قيام المنظمات الدولية والإقليمية بدورها في حماية الفلسطينيين والامن والسلم الدوليين.
وأشار إلى زيف الادعاءات الإسرائيلية بشأن لجان التحقيق في المجازر، منها مجزرة مجمع ناصر الطبي في خان يونس التي أسفرت عن استشهاد 22 مواطناً بينهم 5 صحفيين، حيث دأبت قوات الاحتلال على استخدام هذه اللجان كغطاء للتنصل من مسؤوليتها عن الجرائم الممنهجة التي يقودها جيشها بأوامر سياسية عليا، معبراً عن استنكره من مواصلة احتجاز جثامين الشهداء، واستهداف القطاعات الصحية والتعليمية وباقي الفئات المحمية.
وبشأن المنظومة الصحية، شدد على أنها باتت على شفا الانهيار الكامل؛ فأكثر من نصف المستشفيات خارج الخدمة، والبقية تعمل بقدرات منهَكة تحت القصف، ونقص الوقود، والمياه، والمستهلكات.
ولفت إلى أن بنوك الدم تعاني نقصًا حادًا وخطيرًا؛ حيث أن الاحتياج اليومي يتجاوز 350 وحدة دم مع صعوبة حملات التبرع لتفشي المجاعة وسوء التغذية، تتزايد عمليات البتر بسبب نقص المثبّتات والمضادات الحيوية وتفاقم العدوى وسوء التغذية بين الجرحى.
ونبه إلى أنهم يتابعون بقلق شديد تصاعد جريمة الإبادة الجماعية الممنهجة التي ينفذها الاحتلال، حيث تتواصل الحرب على القطاع لليوم الـ 692 على التوالي.
ويدعم أمريكي ترتكب "اسرائيل" منذ أكتوبر/تشرين الأول 2023 إبادة جماعية في غزة تشكل القتل والتجويع والتدمير والتهجير القسري، متجاهلة النداءات الدولية كافة وأوامر محكمة العدل الدولية بوقفها.
مجزرة في قلب الإنسانية
المسعفون والصحفيون… ثمن الحقيقة والرحمة في غزة

تقارير وحوارات
التعليقات : 0