مختصّون: الهجوم على أسطول الحرية جريمة قرصنة مكتملة الأركان

مختصّون: الهجوم على أسطول الحرية جريمة قرصنة مكتملة الأركان
تقارير وحوارات

غزة/دعاء الحطاب:
يرى مختصّان فلسطينيان في القانون الدولي، أن الهجوم الذي شنّته قوات البحرية الإسرائيلية على سفن كسر الحصار المتجهة إلى قطاع غزة، يُعد انتهاكًا صارخًا لاتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار، ويمثل جريمة قرصنة مكتملة الأركان تندرج ضمن إطار الإرهاب المنظَّم الذي تمارسه إسرائيل ضد المدنيين والنشطاء الدوليين.
وأكّد المختصان، في تصريحات منفصلة لصحيفة "الاستقلال"، أن ما قامت به "إسرائيل" يُجسّد سياسة ممنهجة لإرهاب المتضامنين الدوليين وثنيهم عن المشاركة في الحملات الإنسانية الهادفة إلى كسر الحصار المفروض على غزة منذ أكثر من 18 عامًا، مشيرين إلى أن العملية تكشف تجاهل الاحتلال الصريح لقواعد القانون الدولي الإنساني، وخصوصًا مبدأ حماية الملاحة المدنية في المياه الإقليمية والدولية.
وأضافا أن هذا العدوان يهدف بالأساس إلى إسكات الأصوات الحرة وإضعاف الزخم التضامني العالمي مع الشعب الفلسطيني، في الوقت الذي تتصاعد فيه المطالب الحقوقية بضرورة محاسبة قادة الاحتلال أمام المحاكم الدولية على جرائمهم بحق المدنيين والمتضامنين.
وأعلنت اللجنة الدولية لكسر الحصار عن قطاع غزة، أمس الأربعاء، أنّ بحرية الاحتلال الإسرائيلي هاجمت سفن أسطول الحرية الذي توجه إلى قطاع غزة في وقت سابق دعماً لأسطول الصمود العالمي.
وقالت اللجنة على منصة "إكس" إنّ "الجيش الإسرائيلي هاجم أسطول الحرية في المياه الدولية على بُعد 120 ميلاً بحرياً (220 كيلومتراً) من غزة".
وأضافت اللجنة أنّ ثلاث سفن تحمل الأسماء: غزة صن بيردز، آلاء النجار، أنس الشريف، "تعرّضت لهجوم واعتراض غير قانوني من قبل الجيش الإسرائيلي عند الساعة 04:34 فجراً، على بُعد 220 كيلومتراً من شواطئ غزة".
ونشرت اللجنة مقطع فيديو للحظة الهجوم على قارب صن بيردز ومحاولة أحد جنود بحرية الاحتلال إخفاء الجريمة عبر ضرب كاميرا تصوير بالسلاح.
وفيما لا يزال مصير النشطاء مجهولاً، قالت وزارة الخارجية الإسرائيلية، في بيان لها، إنّ "قوارب وركاب أسطول الحرية آمنون، وتم نقلهم إلى ميناء إسرائيلي وسيجري ترحيلهم فوراً".
وندد رئيس الوزراء الماليزي أنور إبراهيم بشدة بالجيش الإسرائيلي بعد اعتراضه الأسطول، مطالباً بالإفراج عن النشطاء الماليزيين المشاركين، وفق ما نقلته وكالة رويترز.
وفي الأول من أكتوبر/ تشرين الأول الجاري، أعلنت هيئة الإغاثة الدولية (İHH)، انطلاق أسطول الحرية الدولي بمشاركة أوروبية من موانئ في جزيرة صقلية وإيطاليا دعماً لأسطول الصمود الذي هاجمه الاحتلال الإسرائيلي واعتقل جميع ناشطيه قبل إطلاق سراحهم على دفعات.

ويضم أسطول الحرية 11 سفينة، من بينها سفينة الضمير. وتحمل السفن مواد طبية ومساعدات إنسانية وتضم ناشطين وصحافيين وعاملين في المجال الطبي ومتطوعين من مختلف دول العالم.
وكانت "إسرائيل" قد قرصنت جميع سفن أسطول الصمود العالمي البالغ عددها نحو 40 سفينة، واختطفت مئات النشطاء الذين توجهوا إلى قطاع غزة بهدف كسر الحصار وإيصال مساعدات إنسانية للفلسطينيين في ظل الإبادة الجماعية التي يتعرضون لها.
وأثار الهجوم الإسرائيلي موجة غضب شعبي عالمية، إذ شهدت مدن وعواصم حول العالم، وخاصة أوروبا، تظاهرات حاشدة تنديداً بقرصنة الأسطول الإنساني.
تعكس عقلية الارهاب
المحلل والكاتب السياسي سعيد ابو رحمة، أكد أن إقدام قوات الاحتلال على قرصنة سفن كسر الحصار عن قطاع غزة، وتعريض النشطاء فيها للخطر ومعاملتهم بطريقة مذلة، هو انتهاك جديد لكل الأعراف الإنسانية والقوانين الدولية، وتأكيد إضافي على تدني المستوى الأخلاقي والإنساني للكيان الغاصب وجيشه.
وأوضح أبو رحمة لـ" الاستقلال"، أن منع وصول المتضامنين مع قطاع غزّة والحاملين لمساعدات إنسانية " طبية وغذائية" عاجلة لشعبنا الفلسطيني المحاصر، واختطافهم، انتهاك صارخ لمبادئ القانون الدولي ولأبسط الحقوق الإنسانية.
وبين أن هذا الاعتداء يعكس عقلية الإرهاب والفاشية التي تحكم الاحتلال وقادته، الذين يسعون بالوسائل كافة إلى منع كسر حصار غزة حتى لو كان رمزي، لأنه يُحرج المجتمع الدولي ويضعه في مأزق في ظل استمرار حرب الإبادة على غزة للعام الثاني على التوالي.
ونوه إلى أن الاحتلال يسعى من خلال قرصنه السفن لإيصال رسالة مفادها "أن لا شيء يمكنه الدخول لغزة إلا بإذنه، وأنه الأمر الناهي بكل شيء"، وذلك في إطار السيطرة والتحكم الكامل بالقطاع.
واعتبر أن اختطاف النشطاء من أساطيل "الصمود" و"الحرية"، محاولة يائسة لطمس معالم جريمة الإبادة والتجويع المستمرة ضدّ شعبنا في قطاع غزة منذ عامين.

جريمة متكاملة الأركان
وبدوره، أدان رئيس الهيئة الدولية لدعم حقوق الشعب الفلسطيني "حشد"، د. صلاح عبد العاطي، بأشد العبارات الجريمة البشعة التي ارتكبتها قوات الاحتلال الإسرائيلي فجر أمس الاربعاء ضد أسطول الصمود المكون من تسع سفن تحمل على متنها أكثر من 145 ناشطًا دوليًا من أكثر من 25 دولة، ضمن “تحالف أسطول الصمود ” ومبادرة ألف مادلين لغزة”، وذلك أثناء إبحارهم في المياه الدولية في مهمة إنسانية تهدف لكسر الحصار عن غزة وإيصال المساعدات إلى المدنيين المنكوبين جراء الإبادة الجماعية المستمرة.
واعتبر عبد العاطي خلال حديثه لـ "الاستقلال" ،أن ما ارتكبته البحرية الإسرائيلية من محاصرة للسفن، واعتداءات وعمليات إغراق متعمد، وتعطيل لأنظمة الاتصال، واعتقال للنشطاء والصحفيين والشخصيات الدولية، يشكل جريمة قرصنة بحرية مكتملة الأركان، وانتهاكًا صارخًا لقانون البحار والقانون الدولي الإنساني، وامتدادًا لجرائم الحرب والإبادة التي يمارسها الاحتلال ضد الفلسطينيين وضد كل محاولات التضامن الدولي.
وأوضح أن ما حدث ليس مجرد حادث عرضي بل عمل منظم من قبل دولة الاحتلال يهدف إلى ترهيب النشطاء ومنع استمرار التضامن العالمي مع الشعب الفلسطيني، واسكات الأصوات الحرة، وعرقلة الجهود الدولية الشعبية الهادفة لكسر الحصار المفروض على غزة وادخال المساعدات في ظل الإبادة الجماعية والتجويع الممنهج.
حمل جيش الاحتلال المسؤولية الكاملة عن حياة وسلامة جميع النشطاء والمتضامنين الدوليين، اذ يعتبر احتجازهم القسري أو تعريضهم للأذى جريمة دولية تستوجب المساءلة وفرض العقوبات علي دولة الاحتلال الإسرائيلي.
وطالب بضرورة توسيع التحركات الدبلوماسية والاحتجاجات الشعبية رفضًا لهذه الجريمة، داعيا الشعوب الحرة والنقابات والحركات المدنية إلى مواصلة الضغط الشعبي لضمان قيام دول العالم بمسؤوليتها الإنسانية والقانونية لوقف الإبادة الجماعية والعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة.

وطالب المحكمة الجنائية الدولية بفتح تحقيق عاجل في جرائم الاعتداء على أسطول الصمود، ومحاسبة قادة وجنود الاحتلال المسؤولين عنها، باعتبارها انتهاكًا واضحًا لحرية الملاحة المدنية وجريمة عدوان على المدنيين وخرق فاضح لميثاق روما والقانون الدولي.
ودعا المجتمع الدولي والحكومات الحرة إلى التحرك الفوري لضمان الإفراج عن جميع النشطاء المحتجزين وتأمين سلامتهم، وتوفير الحماية الدولية لنشطاء "أسطول الصمود" ، والعمل علي وقف الإبادة الجماعية والمجاعة وكسر الحصار المفروض على قطاع غزة.

التعليقات : 0

إضافة تعليق