محللان سياسيان لـ”الاستقلال”: نتنياهو في واشنطن لتفريغ المرحلة الثانية من اتفاق غزة من مضمونها

محللان سياسيان لـ”الاستقلال”: نتنياهو في واشنطن لتفريغ المرحلة الثانية من اتفاق غزة من مضمونها
تقارير وحوارات


غزة / معتز شاهين:
في توقيتٍ بالغ الحساسية من مسار اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة، تفتح زيارة رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو إلى الولايات المتحدة ولقاؤه المرتقب مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب باب التساؤلات حول مصير المرحلة الثانية من الاتفاق، وسط مخاوف متزايدة من محاولات إسرائيلية لتعطيل تنفيذها أو تفريغها من مضمونها.
وبينما تتحدث تقديرات سياسية عن سعي نتنياهو للحصول على دعم أميركي أكثر مرونة يسمح بتطبيق جزئي للاتفاق، وإعادة صياغة الترتيبات الأمنية والسياسية في غزة بما يخدم الرؤية الإسرائيلية، تحذّر تحليلات أخرى من أن هذه التحركات قد تُبقي القطاع رهينة التجاذبات الإقليمية والدولية، وتؤجل الانتقال الفعلي إلى مرحلة ما بعد الحرب، في ظل ضغوط دولية متصاعدة ومخاطر عودة التصعيد.
وأجمع محللون سياسيون، في أحاديث منفصلة مع صحيفة "الاستقلال" أمس الأحد، على أن بنيامين نتنياهو يسعى خلال هذه الزيارة إلى إقناع دونالد ترامب بدعم تطبيق جزئي للاتفاق، بما يتيح لإسرائيل التهرب من استحقاقات المرحلة الثانية.
وغادر رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو مطار بن جوريون، أمس الأحد، متجهًا إلى ولاية فلوريدا الأمريكية، حيث من المقرر أن يلتقي بالرئيس دونالد ترامب اليوم الاثنين، وفقًا لما أفاد به مكتبه.
وقالت صحيفة "تايمز أوف إسرائيل"، إن نتنياهو لن يسافر برفقة صحفيين ولن يدلي بأي تصريح علني قبل صعوده إلى الطائرة، لافتة إلى أنه من المقرر أن يهبط في فلوريدا الساعة الثانية ظهرًا بالتوقيت المحلي. ومن المقرر أن تستمر الزيارة حتى يوم الخميس المقبل.
مرحلةٌ مؤجلة
قال الكاتب والمحلل السياسي د. سعيد أبو رحمة إن زيارة رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو إلى ولاية فلوريدا للقاء الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تأتي في توقيت بالغ الحساسية من مسار اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة، وتحمل دلالات تتجاوز البعد البروتوكولي إلى محاولة إعادة رسم ملامح المرحلة الثانية من الاتفاق.
وأوضح أبو رحمة لـ "الاستقلال"، أن نتنياهو يهدف بالدرجة الأولى إلى تأمين دعم أمريكي أكثر مرونة في المرحلة الثانية، خصوصاً فيما يتعلق باستبعاد حركة حماس من أي ترتيبات سياسية أو أمنية مستقبلية في غزة، ورفض أدوار تركية أو أممية ضاغطة قد تفرض مسارات لا تنسجم مع الرؤية الإسرائيلية، إلى جانب تكريس فكرة إدارة أمنية إسرائيلية طويلة الأمد للقطاع، تحت ذرائع الاستقرار ومنع عودة المقاومة.
وأشار إلى أن هذا التوجه يأتي في ظل تعثر المفاوضات المتعلقة بـ«اليوم التالي» في غزة، وتصاعد الضغوط الدولية على إسرائيل لتقديم خطة واقعية للانتقال السياسي والإغاثي، ما يدفع نتنياهو إلى البحث عن مظلة سياسية أمريكية بديلة، مستفيداً من العلاقة الشخصية والسياسية مع ترامب، خاصة مع اقتراب الاستحقاق الانتخابي الأمريكي.
وحول تأثير الزيارة على مستقبل الاتفاق، اعتبر أبو رحمة أن الانتقال السريع إلى المرحلة الثانية يبقى ممكناً فقط في حال أسفر اللقاء عن تفاهمات تمنح إسرائيل «مخرجاً مشرفاً» من الحرب، دون أن تظهر بمظهر الطرف الذي فشل في تحقيق أهدافه العسكرية والسياسية، إلا أنه رجّح في المقابل أن يكون سيناريو التعطيل هو الأكثر حضوراً، إذا ما استخدمت إسرائيل اللقاء ذريعة لإعادة تقييم التزاماتها، بذريعة التحولات السياسية داخل الولايات المتحدة وعدم وضوح الموقف الأمريكي المقبل.
وتوقع أبو رحمة أن يتم اللجوء إلى تجزئة المرحلة الثانية من الاتفاق إلى مراحل فرعية، على غرار الرؤية التي سبق أن طرحها ترامب، بحيث تُقسَّم إلى فترات زمنية متعاقبة، تبدأ بنشر قوات دولية لفترة محددة، ثم تشكيل مجلس عسكري لإدارة القطاع، وصولاً إلى ترتيبات لاحقة، دون حسم نهائي لمستقبل الحكم في غزة.
ولفت المحلل إلى أن هذا السيناريو يعني بقاء قطاع غزة في قلب التجاذبات السياسية والإقليمية، واستمرار إدارة الأزمة بدل حلّها، دون تحقيق اختراق حقيقي في المدى القريب، رغم الحديث المتكرر عن الانتقال إلى مرحلة ما بعد الحرب.
تطبيقٌ جزئي
بدورها أكدت الكاتبة والمحللة السياسية د. رهام عودة إن اللقاء المرتقب بين رئيس حكومةالاحتلال بنيامين نتنياهو والرئيس الأميركي دونالد ترامب تأتي في توقيت بالغالحساسية، وتشكل محاولة أخيرة من نتنياهو لتعطيل الانتقال إلى المرحلة الثانية مناتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة.
وأوضحت عودة لـ "الاستقلال"، أن نتنياهو يسعى خلال هذه الزيارة إلى إقناع ترامببدعم تطبيق جزئي للاتفاق، بما يتيح لإسرائيل التهرب من استحقاقات المرحلة الثانية،وعلى رأسها الانسحاب من مناطق إضافية في قطاع غزة، إضافة إلى تأخير عمليةإعادة الإعمار، بما يبقي القطاع في حالة هشّة وغير مستقرة.
وبيّنت أن من بين الأهداف الأساسية لنتنياهو خلال اللقاء الضغط لمنع مشاركة قواتتركية وباكستانية ضمن أي قوات دولية محتملة في غزة، نظراً للعلاقات الجيدة التي تربطهاتين الدولتين بكل من حركة حماس وإيران، وهو ما تعتبره إسرائيل تهديداً لمصالحهاالأمنية.
وأضافت عودة أن نتنياهو يحاول كذلك إقناع ترامب بأن يكون الدور الأساسي للقواتالدولية – في حال تشكيلها – هو نزع سلاح قطاع غزة، وهو طرح ترفضه الدول العربيةبشكل واضح، لما يحمله من تداعيات خطيرة على الاستقرار، وكونه يفتح الباب أمامتدخلات عسكرية جديدة.
وحذّرت من أن نتنياهو قد يسعى للحصول على تعهد أميركي يسمح للجيش الإسرائيليبتولي مهمة نزع السلاح بنفسه في حال عجزت القوات الدولية عن ذلك، وهو ما ينذر،بحسب عودة، بعودة التصعيد العسكري تحت ذريعة “نزع السلاح”، إلى جانب تعطيلمتعمد لملف إعادة الإعمار وإطالة أمد الأزمة الإنسانية في القطاع.
وفي المقابل، أشارت المحللة السياسية إلى أن السيناريو الأكثر ترجيحاً بعد انتهاءالزيارة قد يتمثل في تفاهم أميركي–إسرائيلي محدود يقضي بالموافقة – كحد أدنى – على تشكيل لجنة تكنوقراط لإدارة الشؤون المدنية في قطاع غزة، في محاولة لاحتواءالضغوط الدولية دون الالتزام الكامل ببنود المرحلة الثانية من الاتفاق.
وأكدت الكاتبة أن مآلات الاتفاق ستظل رهناً بميزان الضغوط الدولية والإقليمية، ومدىقدرة الأطراف الضامنة على فرض تنفيذ كامل لبنود وقف إطلاق النار، بعيداً عنمحاولات المماطلة الإسرائيلية وتغيير قواعد اللعبة في اللحظات الأخيرة.

التعليقات : 0

إضافة تعليق