بقلم / د. محمد مشتهى
صحيحٌ أن الأمنيات والرّغبات عادة ما تؤثر في الكتابة، فكل إنسان ينطلق في تحليله للواقع من فكرة هو يتبناها أو موقف يتخذه، لكن مع مرور الوقت لابد من هذا الواقع أن يقترب من الأمنيات، فلا تبقى الأمنية أمنية ولا الواقع يظل على حاله.
منذ زمن كانت أمنية الفلسطيني أن تلتقي كافة جبهات المقاومة بل كافة الأمة العربية والإسلامية من أجل الأقصى وفلسطين، اليوم هذه الأمنية تقترب شيئا فشيئا من التحقق على الأقل على مستوى جبهات المقاومة.
منذ سنوات والفلسطيني وكل أحرار الأمة يُحيون يوم القدس العالمي وينادون الأمة لتوحيد جهودها من أجل الأقصى، بعد أيام قليلة يأتي كعادته يوم القدس العالمي في الجمعة الأخيرة من رمضان، لكن هذه المرة يأتي مختلفا عن سابقاته، يأتي وسط متغيرات في مجمل المشهد الإقليمي ومتغيرات جسيمة في الداخل الصهيوني ومتغيرات في جبهات المقاومة، يأتي وسط إنهاء حالة القطيعة بين إيران والسعودية (قطبي السّنة والشّيعة)، وترقّب لإنهاء الحرب في اليمن، وهجوم على قواعد أمريكية في سوريا بالإضافة لرد سوري في الجولان المحتل، وقصف من جنوب لبنان للجليل المحتل، وعلاقة مضطربة بين الكيان الصهيوني وأمّه وأبيه أمريكا والغرب، وتشكيك من جدوى وجود هذا الكيان في المنطقة، وبروز أقطاب عالمية أخرى غير أمريكا، وتشكيل تحالفات عالمية قوية مناهضة بل عدائية للسياسة الأمريكية في المنطقة، وتراجع أمريكي في العراق وأفغانستان وقريبا في سوريا، واقتراب تركيا من روسيا وإيران، وعدم ثقة لدى دول التطبيع من جدوى تطبيعها مع الكيان الصهيوني، والأهم من ذلك هو تراجع قوة الردع الصهيوني وانشغال الجبهة الصهيونية مع نفسها، واشتعال الضفة الفلسطينية.
إن كلمة السر هي المسجد الأقصى الذي بارك الله فيه وفيمن حوله، فهو القوة الكامنة التي تحرك وتشعل الصراع من جديد كلما هدأ، وهو القبلة التي يؤمها كل المجاهدون، وهو الرابط الحقيقي بين الأمة كلها، رحمك الله أيها الشقاقي الأمين يا صاحب "نظرية فلسطين هي القضية المركزية وهي مركز الصراع الكوني بين تمام الحق وتمام الباطل"، "إن فلسطين أيديولوجيا الزمن العربي والإسلامي المعاصر، بل هي عنوان نضال الإنسان"، رحمكم الله يا كل الشهداء وجزاكم الله عنا خير الجزاء، وسدد الله خطى المجاهدين الأحياء، والحمد لله على نعمة فلسطين ونعمة وجود المسجد الأقصى المبارك على أرضها، إن وجوده نقمة على من يحتل هذه الأرض، ونعمة لمن يسكنها بسلام.
إن أي معركة لا تتوشح بوشاح المسجد الأقصى تبقى معركة منقوصة، منقوصة الهدف ومنقوصة النتائج، وأي معركة تتوشح بوشاح المسجد الأقصى هي معركة مكتملة الأهداف ومضمونة النتائج، لذلك كلمة السر هي المسجد الأقصى.
يبدو أن يوم القدس العالمي المقبل لن يمر كما كل عام، فالأرض باتت تتهيأ لشيء عظيم، والأقصى يتزين زينة التحرير، نعم هي أمنيات تمنيناها في الماضي والحاضر وكذلك هي في المستقبل، لكنها اليوم أمنيات يملؤها أمل كبير وواقع ملموس، نسألك يا الله يا من باركت في المسجد الأقصى ومن حوله، ويا من أسريت بمحمد صلى الله عليه وسلم إليه وعرجت به إلى السماوات العلى أن تجعلنا من الشاهدين والمشاركين في تحرير الأقصى المبارك...اللهم آمين
التعليقات : 0