بقلم رئيس التحرير / أ. خالد صادق
بحسب ما نسب موقع «آكسيوس» الإلكتروني الأميركي لمسؤولين أميركيين ومسؤولين إسرائيليين قولهما إن تصاعد التوترات والعنف في المسجد الأقصى بالقدس خلال الأسابيع القليلة الماضية، أدى إلى تفاقم العلاقات المتوترة بالفعل بين الأردن وإسرائيل, ولا ادري ما هي حقيقة الغضب الأردني مما يحدث في الأقصى, لأنه اصبح فعلا مشاعاً ونوايا معلنة وخطوات تصعيدية ممنهجة تهدف للتقسيم الزماني والمكاني للمسجد الأقصى, وهدمه وإقامة الهيكل المزعوم على انقاضة,
ويبدو ان حالة الغضب الأردنية تأتي في اطار دبلوماسية الأردن في التعامل مع شعبها وبرلمانها وغضبة الشارع الأردني امام ما يحدث في الأقصى, ومهما فعل الاحتلال في القدس والاقصى, فان خطوة الأردن لن تتخطى هذا الحد, الاعراب عن الغضب, والتصريحات السياسية الجوفاء التي لا تسمن ولا تغني من جوع, تماما كالوصاية الهاشمية على الأقصى والتي لا تتعدى رفده بالسجاد والموكيت والكتب والستائر, ولا يمكن ان ترقى مثلا للدفاع عن الأقصى بمنع اقتحام المستوطنين لباحاته, وتدنيسه ببساطيرهم النجسة, والاعتداء على الحرائر والشيوخ والأطفال داخله, فهذا لا يرقى حسب دبلوماسية الأردن الى طرد السفير الإسرائيلي من عمان احتجاجا على هذه السياسات الخرقاء بحق الأقصى, ولا يرقى حتى لاستدعاء السفير الأردني في «تل ابيب» احتجاجا على الخطوة, لكن الأردن اكتفى بالتنديد بالاقتحامات الصهيونية للأقصى وحمل «إسرائيل» مسؤولية التصعيد. منذ ذلك الحين، أصدرت وزارة الخارجية الأردنية ما لا يقل عن 11 بيانًا وتغريدًة تدين وتنتقد سياسة «إسرائيل» تجاه الاقصى، لكن الأردن عقد اجتماعا امنيا في العقبة ترعاه وتشارك فيه الإدارة الامريكية و»إسرائيل» والأردن ومصر والسلطة الفلسطينية، وكانت نتائجه كارثية على الشعب الفلسطيني وقضيته، وظهرت اثاره سريعا بتصعيد احتلالي غير مسبوق ضد الفلسطينيين، وانتهاك لحرمة الأقصى.
رمضان يغادرنا خلال ساعات بعد ان أشعل في داخلنا ثورة تجاه خطوات الاحتلال التصعيدية في المسجد الأقصى المبارك، تلك الخطوات الممنهجة والتي لن تنتهي برحيل شهر رمضان المعظم، انما ستمتد على مدار العام، لان الاحتلال بدأ فعليا في التقسيم الزماني والمكاني للمسجد الأقصى، ومنع المصلين من الاعتكاف في الأقصى, ولولا صلابة أهلنا في القدس, وداخل الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 48م في الدفاع عن الأقصى, لكان الاحتلال قد نجح في تمرير مخططه بالتقسيم الزماني والمكاني, ولاستطاع منع الاعتكاف نهائيا في الأقصى, لكن بسالة أهلنا المقدسيين وشعبنا في الدفاع عن الأقصى هو الذي اجبر نتنياهو على وقف اقتحامات المستوطنين للأقصى في العشر الاواخر من رمضان, خوفا من احتدام المواجهة, واشتعال المنطقة, والعودة للعمليات الفدائية في قلب «تل ابيب» وفي قلب القدس المحتلة, يقول الإعلامي الصهيوني يواف شطيرن المختص بالشؤون العربية والفلسطينية أن « الائتلاف الحاكم -الذي يعتمد على التوجه الصهيوني الديني- لا يعترف أصلا بوجود الشعب الفلسطيني، ويدفع نحو دولة يهودية تحتكم لتشريعات التوراة والتأسيس لما يُسميها «أرض إسرائيل الكبرى».
وكان الأردن قد دعا لعقد اجتماع طارئ لجامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي. كما حث على عقد اجتماع لمجلس الأمن الدولي بشأن الوضع في القدس.
وقال مسؤولون إسرائيليون وأميركيون أن الولايات المتحدة منعت بياناً صحفيًا صادراً عن المجلس يدين «إسرائيل», فطالما بقي الرسميون العرب يدورون في فلك السياسة الامريكية، فان الانتهاكات التي تحدث في الأقصى لن تنتهي، لكن الأمور تشير الى ان الإسرائيليين والامريكان قادرون على امتصاص غضبة الأردن، والأمور لم تنفجر لأن إدارة بايدن ضغطت على الأردن، ومنعت من اتخاذ أي خطوات من شأنها التأثير سلبيا على علاقة الأردن بإسرائيل، فالأردن تمثل حصن امان للإسرائيليين.
الموقف الرسمي العربي مما يحدث في الأقصى سيبقى في دائرته المسموح بها أمريكيا، والتي لا يمكن الخروج منها، فالدول العربية وخاصة تلك المحيطة بالكيان الصهيوني المجرم، مطلوب منها ان تلعب دورا امنيا لحماية «إسرائيل» وتحصينها من الضربات، والتنسيق معها امنيا، والتعاون سياسيا واقتصاديا وعسكريا وثقافيا وتكنولوجيا، فالقدس في خضم المعركة مع الاحتلال, تحافظ على هويتها وثقافتها وتراثها, وتاريخها العربي الإسلامي التليد, وهى تقاوم سياسة التهويد والتهجير بكل قوة وصلابة, وتجابه سياسة الاحتلال بإمكانياتها البسيطة وادواتها المتاحة, غير عابئة بنازية الاحتلال وتسلطه وقتله للفلسطينيين لمجرد الشبهة, فهي تعلم ان القدس ومسجدها المبارك يتعرضان لمؤامرة تهويد حقيرة, تشارك فيها جهات عربية وإسلامية رسمية, وترعاها الإدارة الامريكية والمجتمع الدولي, لذلك رأي الشعب الفلسطيني ان يمسك زمام المبادرة بيده, وان لا يترك الحبل على الغارب لإسرائيل لتنفيذ مخططاتها التهويدية في القدس والاقصى, فلا رهان باي حال من الأحوال على المجتمع الدولي والمواقف الامريكية المنحازة كليا لإسرائيل, ولا رهان على المواقف العربية الرسمية الهزيلة تجاه ما يحدث في القدس والمسجد الأقصى, فالرهان كل الرهان على شعبنا الفلسطيني ومقاومته الباسلة, التي يدرك الجميع انها هي السبيل الوحيد لانتزاع حقوق الشعب الفلسطيني المجاهد والمرابط والصابر, من بين انياب الاحتلال الصهيوني المجرم, الذي يسعى للتهويد والتهجير, بينما ينغرس الفلسطيني في جذوره بشكل اكبر متحديا الاحتلال, ورافضا ومقاوما لكل محاولاته التهويدية, ومصرا على مقاومته بكل الاشكال المتاحة حتى دحره.
التعليقات : 0