بقلم رئيس التحرير / أ. خالد صادق
لم تتوقف العمليات الفدائية الفلسطينية ضد الاحتلال الصهيوني طوال شهر رمضان المعظم, وصولا الى عيد الفطر السعيد, فما ان تجرأ الاحتلال على محاولة السيطرة على باب مصلى باب الرحمة في المسجد الأقصى المبارك وقطع الكهرباء عن المصلى في محاولة لإعادة اغلاقه, حتى جاء الرد سريعا بعملية بطولية أضيفت لسلسلة من العمليات الفدائية النوعية نفذها فلسطينيون دفاعا عن اقصاهم ومدنهم التي تتعرض للتهويد وزيادة الاستيطان, حيث أصيب مستوطن صهيوني، صباح امس الثلاثاء، بعملية إطلاق نار شمال رام الله وسط الضفة الغربية المحتلة. وذكرت القناة السابعة العبرية، أن مستوطنًا (28 عامًا) أصيب بالرصاص خلال عملية إطلاق نار من سيارة عابرة على شارع 60 في «بنيامين»، قرب منطقة «عيون الحرامية».
وقال موقع «سيروجيم» العبري، أن منفذي عملية إطلاق النار تمكنوا من الانسحاب من المكان، في وقت يُجري جيش الاحتلال عمليات تمشيط وبحث عن المقاومين. وأوضحت مصادر محلية ان قوات الاحتلال نصبت حواجز في محيط «عيون الحرامية»، وأغلقت حاجز عطارة شمالي رام الله, وباتت عمليات اطلاق النار تشهد نجاحا واضحا للفلسطينيين منفذي العملية, حيث تتم من مسافة صفر, ويستطيع منفذ العملية الانسحاب من المكان بسلام, حيث باتت ظاهرة تنفيذ العمليات الفدائية وانسحاب المنفذ تقلق الإسرائيليين بشدة, وتقلق المنظومة الأمنية والعسكرية الصهيونية, وتدل على حالة الارباك والخوف والقلق التي يعيشها المستوطنون «المرعوبون» وهم يتنقلون بين مدن الضفة, رغم انهم محصنون ومسلحون, لكنهم في نفس الوقت ليسوا بعيدين عن ايدي المقاومين الفلسطينيين ونيرانهم.
أحدث استطلاع للرأي العام الصهيوني اظهر تعاظمًا في القلق بين سكان الكيان من المستقبل المجهول. وبين الاستطلاع الذي نشرته صحيفة «يديعوت أحرونوت»، أن 75% من الإسرائيليين قلقون على مستقبلهم، في ارتفاع كبير مقارنة مع العام الماضي؛ حيث عبر حينها نصف الإسرائيليين عن القلق بشأن مستقبلهم. وفيما يتعلق بفلسطينيي الداخل؛ عبر 95% من المستطلعة آراؤهم عن أنهم غير متفائلين بمستقبل الكيان، في الوقت الذي ارتفعت فيه نسبة المتفائلين في صفوف الأحزاب الدينية «الحريديم» إلى 68%. ويعتقد 45% من الإسرائيليين أن الشرخ الداخلي هو أخطر ما يواجهه الكيان، في الوقت الذي يعتقد فيه 28% أن المسألة الأخطر هي غلاء المعيشة. ويرى 63% من الإسرائيليين أن قدسية مراسم ذكرى قتلى معارك الكيان ستتأثر جراء التجاذب السياسي. وردًا على سؤال حول الشعور العام مع اقتراب ما يُسمى ذكرى «استقلال إسرائيل» التي توافق اليوم الأربعاء، قال 54% من المستطلعة آراؤهم إنهم يشعرون بالقلق، بينما عبر 24% عن شعورهم بالأمل. هذه الاستطلاعات تعبر بشكل كبير عن الوضع العام الذي يعيشه الإسرائيليون في ظل تنامي وتصاعد العمليات الفدائية التي اقلقت الكيان الصهيوني، ولم يستطع الحد منها، رغم كل الاحتياطات الأمنية المتخذة, وانتشار الحواجز العسكرية بكثافة في الضفة والقدس المحتلتين, ورغم التطبيع الرسمي العربي والتنسيق والتعاون الأمني بين السلطة الفلسطينية والاحتلال الصهيوني, واستخدام الاحتلال لكل وسائل وأساليب العنف, واستخدام سياسة العقاب الجماعي بحق الفلسطينيين, الا ان كل ذلك لم ينجح في الحد من العمليات الفدائية.
محلل عسكري صهيوني قال إن مناطق الضفة الغربية المحتلة، تشهد مؤخراً تغييراً جوهرياً لم تعهده «إسرائيل» منذ الانتفاضة الثانية عام 2000. وجاء على لسان محلل الشؤون العسكرية في القناة «13» ألون بن دافيد، أن جيش الاحتلال يصطدم بعشرات أو مئات الفلسطينيين من الضفة الغربية في كل عملية اقتحام، مع استعداد غير مألوف للموت. وأضاف «الحدث الأهم الذي تواجهه إسرائيل مؤخراً يأتي عبر الساحة الفلسطينية، وهو حدث لم نعهده منذ 15 عاماً، ويتسم باستعداد العشرات أو المئات من الشبان بالخروج من منازلهم لمواجهة قوات الجيش ومستعدين للموت، نتحدث عن أعداد كبيرة جداً لأشخاص مستعدين لمواجهتنا «. كما تطرق «بن دافيد» إلى التغير الذي طرأ في بنية الشاب الفلسطيني مؤخراً فقال «نلتقي مع مخربين صغيرين في السن ويقضون أوقاتهم على شبكات التواصل، يهتمون بتصوير أنفسهم قبل الخروج لتنفيذ عملية ويشاركون ذلك عبر التليغرام والتيك توك، يرغبون بأن يكونوا مأثرين عبر الشبكات ولذلك فنحن نرى الشاب يأتي إلى منطقة النبي يعقوب مساء الجمعة ويقتل 7 أشخاص ويدخل إلى المركبة ويأمل العودة إلى البيت».
وبين «بن دافيد» أنه من الصعب اكتشاف منفذين مفترضين للعمليات من بين مئات آلاف ممن يعبرون عن كراهيتهم «لإسرائيل»، ومن منهم سيحول هذا العداء إلى عمل فعلي حقيقي، لافتاً إلى أن هنالك حلولاً جزئية عبر خوارزميات تقنية مرتبطة بأنظمة جمع المعلومات الذكية وأن التركيز في هذه الأيام على هذه الوسائل عبر شبكات التواصل», واضح ان هناك تبايناً في الآراء في تحليل الشخصية الفلسطينية الثائرة والمتمردة على الواقع المر الذي تعيشه بفعل ممارسات الاحتلال العنجهية, لكن هناك توافقاً واضحاً على ان تحولا في الصراع مع الاحتلال يحدث, وان هذا التحول ليس في صالح «إسرائيل» وان وحدة الساحات في ميدان المواجهة اكثر ما يقلق «إسرائيل», لذلك فحكومة بنيامين نتنياهو بين خيارين احلاهما مر, فإما اشعال معركة نتائجها غير محسومة, واما الاستمرار في حالة الصراع المحتدمة بين المقاومة والاحتلال والتي ليس لها حدود, وما بينهما محاولات اقناع «إسرائيل» بالعودة للطاولة المهشمة.
التعليقات : 0