بقلم: نواف الزرو
بمنتهى الوضوح والثقة والإيمان، فإن الجيل الفلسطيني الجديد هو جيل المستحيل الذي أخذ يقلب كل الحسابات ويخلخل الأمن الصهيوني ويربك المؤسسة الأمنية والعسكرية الصهيونية بكاملها، والذي يقود القضية الفلسطينية نحو أفق حقيقي للتحرير والخلاص من براثن الاحتلال المجرم، وعلينا الإيمان بالجيل الفلسطيني الجديد… الجيل المنتفض الثوري الشجاع والجريء الذي لا يهاب المواجهة حتى الشهادة، وهذا ما نشاهده ونتابعه على أرض القدس المحتلة في الآونة الاخيرة، وما شاهدناه ايضا على امتداد مساحة فلسطين، خلال الأسابيع والشهور الماضية، حيث يتقاطر الشبان كالطوفان للتصدي لقوات ومستعمري الاحتلال المجرمين، وما العمليات البطولية الفذة التي ينفذها أيقونات هذا الجيل- مؤخرا سوى مثالا ساطعا وقويا على ذلك.
ومن اهم ما كشف الكاتب الاسرائيلي “آفي يسسخاروف – محلل عسكري-يديعوت أحرونوت”، 27/1/2023 النقاب عنه ما يتعلق بجرأة الشبان الفلسطينيين قائلا:” على الصعيد العسكري، هذه العملية كانت ناجحة، وأدت إلى إحباط هجوم. لكن العملية في جنين أثبتت ما لاحظه الجانب الإسرائيلي منذ وقت طويل، وهو أن المئات أو الآلاف من الشبان الفلسطينيين لا يخافون من الموت، أو الإصابة بجروح، خلال مواجهاتهم مع إسرائيل، فقد كُتبت على عدد كبير من نُصب القتلى من المسلحين، وعلى جدران مخيمات اللاجئين، عبارة “احذروا الموت الطبيعي… لا تموتوا إلاّ تحت زخات الرصاص” (عبارة مأخوذة من الكاتب غسان كنفاني، من الجبهة الشعبية). يبدو أن العديد من الشبان في الضفة الغربية يجعلون هذه العبارة شعاراً لهم في الحياة، أو بالأحرى في الموت”.
وأكدت الكاتبة الإسرائيلية عميره هاس في صحيفة هآرتس على ذلك قائلة: “أن المواجهات المستمرة في الأراضي الفلسطينية، يقف خلفها جيل جديد من الفتيان والشبان الفلسطينيين الذين فقدوا كل أمل في اتفاق أوسلو“، وتحت عنوان” جيل لا يخافنا” كتب نوعم أمير في معاريف يقول: “لقد نشأ هنا جيل لا يتذكر السور الواقي ولا يخاف”.
وربما يلخص لنا الكاتب الاسرائيلي المناهض لسياسات الاحتلال العنصرية ضد الفلسطينيين، جدعون ليفي هذه الحقيقة المشار إليها أعلاه، حينما كتب في هآرتس، قائلا: يبدو أنّ الفلسطينيين طينتهم تختلف عن باقي البشر، فقد احتللنا أرضهم، وأطلقنا عليهم الغانيات وبنات الهوى، وقلنا ستمرّ بضع سنوات، وسينسون وطنهم وأرضهم، وإذا بجيلهم الشاب يفجّر انتفاضة الـ 87… أدخلناهم السجون وقلنا سنربّيهم في السجون وبعد سنوات، وبعد أنْ ظننا أنهم استوعبوا الدرس، إذا بهم يعودون إلينا بانتفاضة مسلحة عام 2000، أكلت الأخضر واليابس، فقلنا نهدم بيوتهم ونحاصرهم سنين طويلة، وإذا بهم يستخرجون من المستحيل صواريخ يضربوننا بها، رغم الحصار والدمار، فأخذنا نخطط لهم بالجدران والأسلاك الشائكة.
وإذا بهم يأتوننا من تحت الأرض وبالأنفاق، حتى أثخنوا فينا قتلاً في الحرب الماضية، حاربناهم بالعقول، فإذا بهم يستولون على القمر الصناعي عاموس ويدخلون الرعب إلى كلّ بيتٍ في إسرائيل، عبر بث التهديد والوعيد، كما حدث حينما استطاع شبابهم الاستيلاء على القناة الثانية، خلاصة القول، يبدو أننّا نواجه أصعب شعب عرفه التاريخ، ولا حلّ معهم سوى الاعتراف بحقوقهم وإنهاء الاحتلال”.
وخلاصة القول عن الشباب والفتيات الفلسطينيين والفلسطينيات: “أن الفكرة الأهم في هذه الإنتفاضات المستمرة، أنها كسرت فكرة أن هناك جيلا فلسطينيا يهزم، لأن الإسرائيلي منذ العام 1948 راهن على كسر إرادة الأجيال الفلسطينية، وفي كل مرة كان هنالك جيل يفاجئه ويطلق ثورة من نوع خاص، ترسّخ بقاء المقاومة في البيئة الفلسطينية وتحبط الإسرائيليين… الإسرائيليون راهنوا على أن الجيل الفلسطيني الجديد هو جيل “أوسلو”، لكن العدو الإسرائيلي فوجئ بأن هذا الجيل يقاوم بكل ما أتيح له من قوة، ولا ينتظر أن يمتلك أدوات مميزة ليقاوم”.
ننحني احتراما وإجلالا للجيل الفلسطيني الجديد الصاعد الذي يخشاه الاحتلال وتتحدث وسائل إعلامه عن جيل لا يهاب الموت أبدا.
التعليقات : 0