بقلم / د. محمد مشتهى
لقد استطاع مخيم جنين أن يكون مثالاً فلسطينياً يُحتذى به في الصّمود والتكاتف والالتحام بين الجماهير والمقاومة، كما شكّل حالة إيجابية لا تميّز بين هذا المقاوم وذاك، وكل من في المخيم يخاف على شباب المقاومة ويقوم بتوفر الحماية لهم ما استطاعوا إلى ذلك سبيلا، تلك هي الوحدة الميدانية التي نادى بها الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي أبا طارق النخالة والتي هي ذروة سنام الوحدة الوطنية الفلسطينية التي تعد هي المخرج السحري لتجاوز كافة الخلافات السياسية التي عاني منها الفلسطيني طويلاً، والتي ستكون (الوحدة الميدانية) هي الممر الأكيد وربما الوحيد التي تتحقق فيه الوحدة السياسية، إن عقيدة مخيم جنين هي عقيدة كل حر وغيور على فلسطين، هي عقيدة كل مناضل من أجل الحرية، وتلك العقيدة التي بُذلت من أجلها الدماء واللحوم، دماء طوالبة والعموري وسلامة وعز الدين وطابور ممتد من القادة والمجاهدين، ولحم القائد خضر عدنان الذي صال وجال وداست اقدامه الطاهرة أرض الضفة ومخيماتها من أجل بناء وتعزيز تلك العقيدة.
اليوم ومع رؤية نتائج عقيدة المخيم في ميدان الشرف والجهاد يتبين للقريب والبعيد حجم الجهد والعطاء الذي تم من أجل بناء وتسليح المخيم، حيث كان الشباب الحر يتوق لمن يمد يد العون له بالسلاح والمال والإعلام، فكانت كتيبة جنين الأسطورة التي كانت بمثابة رأس كتائب المقاومة الفلسطينية في الضفة، حيث عملت الكتيبة ومنذ اللحظات الأولى لتشكيلها عبر إستراتيجية تثويرية حكيمة، ورُغم ما تعرضت له من ضربات إلا أنها استطاعت تجاوزها والسير بخطى ثابتة نحو تثوير الضفة بأكملها، فأسست كتيبة في كل مدينة، وعزّزت من وجودها في المخيم وراكمت القوة تلو القوة وطوّرت من إمكانياتها وأدائها حتى أصبحت الآن كما يشاهد الجميع قادرة على صد اجتياح مدجج للعدو الصهيوني بمئات المدرعات والدبابات وآلاف جنود الاحتلال بل وإلحاق الأذى بهم.
إنّ هذا الاجتياح وفشله سيكون له ما بعده في البعد الإستراتيجي على الضفة بالمجمل، وسيمنح ثقة بالنفس فوق الثقة الموجودة أصلاً لدى كل كتائب المقاومة في كافة مدن الضفة، وسيكون فشل هذا الاجتياح بمثابة إعلان صريح لا لُبس فيه لنجاح إستراتيجية تسليح الضفة ونجاح نموذج المقاومة المسلحة التي استطاعت بإمكانياتها المتواضعة الدفاع عن المخيم.
الجهاد الإسلامي وسراياها المظفرة آمنت منذ البداية بتلك العقيدة ودفعت بكل ثقلها من أجل تعزيزها، وخاضت العديد من المعارك حتى يتم تثبيتها وحمايتها، وبالإمكان القول اليوم بأنها نجحت في ذلك، ومؤكد أنها ستراكم على هذا النجاح وصولاً لتعزيز تلك العقيدة إلى كل حارة وزقاق من حارات وأزقة الضفة كونها بؤرة الصراع المؤلمة للعدو وهي الخاصرة الأضعف له، ومن هنا جاءت الرسالة الصوتية الوفية من كتيبة جنين التي بُثت قبل قليل على قناة الميادين لتثمّن دور الأمين العام أبو طارق النخالة ومسؤول الدائرة العسكرية القائد أبو محمد العجوري وكل المجاهدين على إخلاصهم وتفانيهم واهتمامهم لبناء عقيدة المخيم.
التعليقات : 0