وساوس إسرائيل القهرية عن الحرب مع أعدائها وزوال كيانها

وساوس إسرائيل القهرية عن الحرب مع أعدائها وزوال كيانها
أقلام وآراء

بقلم / أ. حماد صبح

يتملك  إسرائيل ليل نهار وسواس قهري غلاب عن الحرب وزوالها  الحتمي المقترب، ولننظر في الأخبار والوقائع التالية: طلع عليهم المستشرق المتشدد مردخاي كيدار بمقال في موقع “ماكور ريشون” ينبئهم فيه نقلا عن مصدر شرق أوسطي مؤيد لإسرائيل ؛ أن إيران تعد لهجوم جوي وبري وسيبراني  على إسرائيل تشترك فيه سوريا والعراق ولبنان واليمن وغزة والداخل الفلسطيني، ووصف الهجوم بأنه “سيناريو يوم القيامة”، وهو وصف دائم الدوران على ألسنة الإسرائيليين يصورون به خطورة حروبهم مع أعدائهم ومصيريتها وأعلنت إيران عن إحباطها  مخططا تخريبيا للموساد يستهدف صناعتها الصاروخية، ووصفت المخطط ب “أكبر عملية  تخريبية في الأعوام المائة الأخيرة من تاريخ إيران”، والوصف كامل الدلالة على خطورة المخطط الكبيرة.

وفي الوقائع: أخفقت إسرائيل إخفاقا روعها جيشا ومستوطنين وساسة وأمنيين وإعلاميين في وقف المقاومة المسلحة في الضفة والقدس، ويدفعها إخفاقها ويأسها إلى التفكير في اغتيال بعض قادة المقاومة في غزة والخارج مع علمها أن هذا الاغتيال الذي لجأت إليه على مدى صراعها مع الفلسطينيين لم يُنهِ هذا الصراع معهم، ولم ياتِ لها بالأمن الذي تنشده لتنعم وتهنأ في وطنهم الذي سرقته وتركتهم للجحيم في كل تجلياته المخيفة، ومنه ما تابعت صنعه بنفسها، وفعل العكس: زادهم قوة وتصلبا وتصبرا في مقاتلتها، وطور وسائلهم فيها.

وهي تتردد في الإقدام على الاغتيال الآن خوفا من عواقبه المرتدة إلى قلبها التي توعدتها بها المقاومة، وإذا مضت فيه فسيكون مضيها هربا من الاتهامات التي توجه إلى حكومة نتنياهو من لائميه الإسرائيليين   لعدم فعل ما يردع الفلسطينيين، ومن ثم رأيناه يهدد صالح العاروري نائب رئيس حركة حماس تهديدا مباشرا بالاغتيال. وفي الأخبار نقلت “معاريف” أمس عن مصادر في المنظومة الأمنية أن حماس تعد لتقويض الوضع الأمني في الضفة والداخل المحتل، وأن إسرائيل سترد بعملية عسكرية كبرى في غزة، ومن أراد استعراض علامات غباء الإسرائيليين يجدها كثيفة مفرطة السخف والحماقة في توهم الحل لمشكلاتهم ومآزقهم الأمنية والمصيرية في الاعتداء على غزة كلما ضيقت عليهم تلك المشكلات الخناق حتى الاختناق مثلما هي حالهم اليوم في الضفة والقدس وأمام حزب الله وإيران.

وفي الأخبار أيضا: ليبرمان رئيس حزب “إسرائيل بيتنا” يهاجم نتنياهو وبن غفير، ويقول إن إسرائيل تفقد السيطرة الأمنية وتنهار اقتصاديا، ويؤكد تقرير أصدرته منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية ما قاله عن الانهيار الاقتصادي؛ إذ جاء فيه أن مستوى الأسعار في إسرائيل أعلى بنسبة 38 % موازنة مع بقية دول المنظمة. والعميد في الاحتياط هرئيل كنافو يعترف متحسرا متوجعا: “نحن في حالة احتضار أمني”. وحديثهم متواصل متشائم طافح باليأس عن فقدان جيشهم لجاهزيته لأي حرب مع أعدائهم بعد ما فعله به مسعى نتنياهو لما يسميه إصلاح منظومة القضاء حيث توقف بسببه كثيرون من الجنود والضباط في كل وحدات الجيش البرية والجوية والبحرية عن الانتظام في تدريبات وحداتهم، وجاهر بعضهم بأنه لن يحارب حماية لنظام مستبد.

والخلل في جاهزية الجيش يعني إمكانية هزيمته في أي حرب قصيرة أو طويلة مع الأعداء، والهزيمة طريق سريعة لزوال دولته، وهذا يؤجج حيوية الوساوس القهرية في عقول الإسرائيليين وقلوبهم حول مصيرهم، ويطحن أعصابهم طحن الرحا للحب. أرادوا دولة في المنطقة العربية والإسلامية ليحكموا من خلالها العالم فإذا بها تتعثر وتوشك أن تتكسر وتنهار بفعلهم موازاةً لفعل أعدائهم، وفعل الذات إذا ساء يفوق خطرا فعل الأعداء، وعدو في البيت أخطر عليه من ألف عدو خارجه.

ومأساة إسرائيل التي تسعدنا وتثري نفوسنا بقوة التفاؤل في زوالها أن في داخلها عدوين ، ذاتها الخاصة المشوهة، والشعب الفلسطيني الذي أوقعتها حماقتها وأطماعها للتداخل معه بعد احتلالها للضفة وغزة في عدوان 5 يونيو 1967، فبدأت تتقاتل معه في بيت واحد، بل في غرفة واحدة، وهي الآن أسيرة وساوسها القهرية الغلابة خوف أن يخرجها نهائيا من هذه الغرفة، ودائما النتائج من جنس الأفعال ولو بعد حين، الباطل لا يصير حقا، والحق لا يصير باطلا، وهذه سنة ربانية عصاها الإسرائيليون منذ أن فكروا في استيطان فلسطين مخادعين أنفسهم بخرافة خلوها من أي شعب آخر، وفجَرت جولدا مائير المهاجرة الأوكرانية في مدى خداعها للنفس، فقالت مرة: ” لم نجدهم فيها”، تقصد  الفلسطينيين. ولم يصحُ الإسرائيليون من غيبوبة عصيانهم الضال للسنن الربانية رغم مطاردة الحقائق الفلسطينية والعربية والإسلامية لهم لإصحائهم من تلك الغيبوبة إلا في السنوات القليلة الأخيرة، وهم الآن في صحوة متخبطة تتملكهم فيها وساوس قهرية غلابة عن الحرب المصيرية مع أعدائهم وعن زوال كيانهم. الصحوة تكون مفيدة في الوقت الملائم.

التعليقات : 0

إضافة تعليق