في يوم الأرض "اللد" ستستعيد كامل الأرض

في يوم الأرض
أقلام وآراء

بقلم/ رفيدة عطايا

تتشتت الأبجدية كلما أتت لترتب الكلام عن أرض التين والزيتون، وتتلاشى المعاني في حضرة شعب الجبارين الذي عجز العالم بأسره عن فهم سرّ تشبثهم بأرضهم، ودفع أرواحهم فداء لها. في ذكرى يوم الأرض التي أتت متقاربة مع أول ذكرى سنوية لمعركة "سيف القدس"، لا كلمات تفي وتعبر وتصف العمليات البطولية عندما انتفضت أرض فلسطين كاملة لتلبي نداء المقاومة، وعلى وجه الخصوص مدينة "اللد" في الداخل المحتل، والتي فاجأت العدو وهددت وجوده.

انتفاضة "اللد"

من الأقوال المشهورة التي يتداولها الجميع "مرحبًا أو مُرّ حبًّا"، ولكن "اللد" التي تعتبر توأم جنين وابنة فلسطين المخلصة، كسائر أخواتها من المناطق الفلسطينية المحتلة كافة، خلقت لنفسها عبارة "لا مرحبًا، ولن تمروا سوى قتلاً". فهي استطاعت أن تمنع جنود الصهاينة لأيام من أن يدخلوها، وكأنها تحررت في هذه المعركة من الوجود العسكري الصهيوني فيها، بل وأثبتت لكيان الاحتلال والمطبعين معه أنها لا يمكن أن تكون ولن تكون جزءًا من خططه ورهاناته التي بنى عليه مخططاته لسنين طويلة.

لقد كان رهان الكيان الغاصب على أبناء المناطق الفلسطينية المحتلة أن يخلعوا رداء فلسطينيتهم، ويتماهوا في المشروع الصهيوني، ولم يكن بحسبانهم ولا بتوقعات الشاباك الصهيوني أن تنتفض "اللد" تلبية لنداء القدس وتنخرط في المقاومة. فكانت الصفعة مدوية للمنظومة الأمنية للكيان ومبددة لأحلامه ومؤامراته، وقد أرهبت العدو، وشكلت خطرًا على الوجود الصهيوني في الداخل المحتل. فالاحتلال بطبيعته مأزوم ومهزوم وضعيف، ولا قضية لديه ولا انتماء لأرض، وقد أعادته المقاومة إلى نقطة الصفر، وعطلت مفاعيل ترسانته العسكرية والمخابراتية.

هبة فلسطينيي "اللد" ومناطق الداخل المحتل أثبتت فشل سلطات الاحتلال الذريع الذي لطالما حاول صهينتهم ونزع وطنيتهم وطمس هويتهم، ولكنهم تجذروا في الأرض، ورسخوا مقولة "أن الكبار يموتون والصغار لا ينسون"، بعكس المقولة التي كانت بمثابة أمل كبير للوجود الصهيوني، وهي أن "الكبار يموتون والصغار ينسون"، ولكنهم لم يعلموا أن الصغار هم خليفة الكبار وعلى دربهم سائرون حتى النصر أو الشهادة.

إبداع فلسطينيي "اللد"

لقد ابتدع الفلسطيني في الداخل المحتل أساليب قتالية مختلفة للدفاع عن القدس، فمنهم من صنع المولوتوف وخرج به وكأنه يحمل صاروخًا بيده، وآخر أحرق الدواليب وأغلق بها مداخل المدينة منعًا لدخول العدو الذي بقي أيامًا محجوزا خلفها بكافة أسلحته الثقيلة، وهناك من صوب بسلاحه نحو شرطة الاحتلال، عداك عن تلاحم جميع المتظاهرين وتشكيلهم دروعًا بشرية متكاتفة متراصة إلى بعضها البعض... ما أدى إلى هروب حوالى أربعمائة عائلة استيطانية، وفرض منع التجول على من تبقى من مستوطنين داخل منازلهم، وكأنهم أسرى، من دون أي سابق تخطيط.

واستطاع سكان هذه البقعة الجغرافية من إعادة سيطرتهم على أراضيهم التي لم يتنازلوا يومًا واحدًا عنها منذ احتلال فلسطين حتى يومنا هذا، كما أعادت اعتبارها الوجودي في المنطقة، وجعلت العدو يغير حساباته وخططه، حيث اعتقل العديد من المتظاهرين فيما بعد، للتقليل من أشكال المقاومة المستقبلية، ووضع خططًا لتهجير الفلسطينيين من بيوتهم في "اللد" خوفًا منهم، واعتبارا لدورهم الذي أدوه خلال معركة "سيف القدس".

وهذا إن دل على شيء فهو يدل على اعتراف رسمي بفشل العدو وضعفه، ورهبته من فلسطينيي الداخل المحتل الذي كان يشعر نحوهم بالأمان، وزرع المستوطنين بينهم، والذي سبق له واعترف أنه يواجه جبهتين، واحدة في غزة، والثانية في مناطق الداخل المحتل.

إنها مفاجأة جديدة من نوعها بالنسبة للصهيوني، ولكنه لا يعلم أن المفاجآت لم تنتهِ هنا، وأن الفلسطيني في الداخل المحتل لديه أوراق كثيرة لاستخدامها، ولم يحرقها جميعها، إنما ينتظر الوقت المناسب ليخرج للعدو من حيث لا يحتسب، وأنه يستطيع أن يكشف أسرارًا أمنية وسياسية واقتصادية كثيرة، نظرًا لتواجده بين الصهاينة، وتردده إلى مراكزهم التجارية والاقتصادية والمالية والتكنولوجية وغيرها، وقريب من مقراتهم العسكرية والأمنية...

سيبقى الفلسطيني صامدًا مناضلاً، وماردًا يرعب أعداءه، كشبح الموت يفاجئهم. وسيأتي اليوم الذي سيسحب فيه البساط من تحت كيانهم المؤقت، ويهزمهم شرّ هزيمة، والقادم أعظم!

التعليقات : 0

إضافة تعليق