الاستقلال/ دعاء الحطاب
أكد الكاتب والمختص بالشأن الإسرائيلي د. حسن لافي، اليوم الجمعة، أن رد المقاومة خلال الساعات الماضية على الجبهتين الشمالية والجنوبية، بالإضافة لعملية الأغوار، رسخ مُعادلة "وحدة الساحات" في إطار مواجهة ومقاومة الاحتلال، كما جعل " إسرائيل" كالشخص الذي بلع المنجل، فلا يستطيع الاستمرار ببلعه من جهة، وغير قادر على لفظه والتخلص منه من جهة اخرى.
وأوضح لافي خلال حديثه لـ" الاستقلال"، أن الاحتلال الإسرائيلي قبل شهر رمضان المبارك حاول جاهداً لعزل مدينة القدس وتركها وحيدة في مواجهة اقتحامات المستوطنين ومشاريع التهويد، فقد عمل على تنفيذ استراتيجية "جز العشب" بالضفة الغربية عبر زيادة وتيرة الاغتيالات والاعتقالات، بجانب محاولات ابعاد غزة وتدجين مقاومتها، وفي الجبهة السورية عزز من قصفه المتكرر لخلق حالة من الردع للجبهة الشمالية ومحور المقاومة برمته.
وبين أن جميع محاولات الاحتلال السابقة باءت بالفشل، فمع أول صورة خرجت من المسجد الأقصى أطلقت غزة صواريخها، والضفة انتفضت على امتداد مدنها بعمليات اشتباك واطلاق نار، وتكللت بعملية الاغوار البطولية، إضافة إلى الأراضي الفلسطينية المحتلة عام ٤٨ التي انتفضت بقوة.
ودخلت الأوضاع على الساحة الفلسطينية منعطفًا جديدًا بعد إطلاق رشقات صاروخية من لبنان على الكيان الإسرائيلي عقب ساعات من إطلاق صواريخ من قطاع غزة، ردًا على الاعتداءات الإسرائيلية في المسجد الأقصى المبارك.
وظهر أمس الخميس، أُطلقت نحو 35 صاروخًا من لبنان نحو الكيان، وذلك عقب ساعات من إطلاق نحو 25 قذيفة وصاروخًا من قطاع غزة على المستوطنات الإسرائيلية المحاذية بشكل متقطع.
وجاء هذا التطور في ظل اقتحامات متواصلة تنفذها قوات الاحتلال للمسجد الأقصى منذ مطلع الأسبوع الجاري وما يرافقها من اعتداءات على المعتكفين داخله، في وقت حذرت فيه فصائل المقاومة من خطورة ذلك.
ويشكل إطلاق الصواريخ من غزة ولبنان مفاجأة صادمة لأجهزة أمن الاحتلال التي لطالما عملت على فصل ساحات الصراع معها محاولةً الاستفراد بإحداها دون سواها.
ضربة قاسية
وشدد لافي على أن "اسرائيل" صُعقت بعملية إطلاق الصواريخ من جنوب لبنان في توقيت "عيد الفصح" الذي يعتبر توقيت حساس جدا، وخاصة أن الشمال كان مليء بالسياح بذلك الوقت، بالإضافة الى عدد الصواريخ وإطلاق الرشقات من أماكن مختلفة، لتسجل الحادثة العملية الأخطر ضد "اسرائيل" من الأراضي اللبنانية منذ حرب تموز ٢٠٠٦م.
واعتبر أن إطلاق الصواريخ من جنوب لبنان، يُمثل ضربة قاسية للاحتلال وتأكل للردع الاسرائيلي، ومعادلة جديدة تكرسها الجبهة اللبنانية "أن المسجد الاقصى خط أحمر ليس للفلسطيني وحسب بل لكل العرب والمسلمين".
ولفت لافي الى، أن التصعيد من الجهة اللبنانية وضع "اسرائيل" أمام خيارين، أولهما أن ترد بقوة لإعادة معادلة الردع مع حزب الله، منوهًا إلى، أن هذا الخيار يحمل بطياته مخاطرة كبيرة لإمكانية تدحرج الامور الى حرب واسعة، خاصة في ظل الوضع الداخلي الإسرائيلي المعقد.
أما الخيار الثاني، يتمثل بأن تُحاول "اسرائيل" الرد بشكل محدود ورمزي ضد لبنان، ولكن هذا بمثابة اعتراف واقرار اسرائيلي بأن هناك معادلة جديدة على الجبهة اللبنانية، وهو ما يصعب تقبله من قبل الاحتلال. وفق لافي.
ورجح المختص بالشأن الاسرائيلي، أن تذهب "اسرائيل" لنقل زخم الرد على الصواريخ تجاه قطاع غزة، بهدف منح المستوطنين صورة من الأمن الشخصي وتعزيز الثقة بالجيش، وبذات الوقت ستسعى "اسرائيل" لتنفيذ عمليات ذات طابع أمني ضد أهداف فلسطينية أو لبنانية على الاراضي اللبنانية دون إعلانات.
وأكد المختص لافي، أن كلا الخيارات معقدة في الحسابات الاسرائيلية وغير مضمونة النجاح، وأن ردة الفعل عليها باتت في إطار غير المتوقع اسرائيلياً.
وشدد على ضرورة أن يبقي المسجد الاقصى والمدينة المقدسة العنوان الرئيس للمعركة وعدم حرف القضية لقضايا أخرى، مستدركاً:" أي معركة عنوانها القدس والأقصى هي مصلحة للشعب الفلسطيني، وموحدة للأمة العربية والاسلامية، وتجيش امكاناتها في تلك المعركة".
مشاغلة الاحتلال
وفيما يتعلق بعملية الأغوار البطولية التي أسفرت عن مقتل مستوطنتين وإصابة ثالثة بجراح خطيرة، أكد لافي أن العملية أثبتت أن كافة الساحات الفلسطينية باتت جاهزة لمُشاغلة الاحتلال وإيلامه من حيث لا يحتسب.
وأوضح أن العملية تؤكد هشاشة المنظومة الاستعمارية الأمنية، وأن المقاومة وحدها هي القادرة على إلحاق الهزيمة بالاحتلال والمشروع الصهيوني".
كما تبعث العملية رسالة قوية لحكومة الاحتلال وجيشها، مفادها:" أن الجرائم والانتهاكات المتواصلة بحق أبناء شعبنا ومُقدساتنا لن تمر دون رد يوازي حجم الجريمة" وفق المختص.
التعليقات : 0