بايدن وترامب يحتكمان لـ"شريعة الغاب"

بايدن وترامب يحتكمان لـ
رأي الاستقلال

رأي الاستقلال العدد (2958)

يكتبه/ خالد صادق


الصدمة التي تلقاها الحزب الديمقراطي الأمريكي بزعامة كاميلا هاريس كانت قاصمة ومزلزلة، حيث خسر الحزب الديمقراطي امام الجمهوريين بزعامة دونالد ترامب الانتخابات الرئاسية ومجلس الشيوخ ومجلس النواب، وهذا بفضل السياسات التي تبناها الرئيس الأمريكي الحالي جو بايدن, والذي اظهرة رئيس الوزراء الصهيوني بنيامين نتنياهو امام الأمريكيين, «بالضعيف», والخرف, والمتردد, الذي لا يستطيع ان يقوم بمهامه الرئاسية, ولا يستطيع ان يستخدم عناصر القوة التي بين يديه لفرض ارادته على الجميع, كما انه اخفق في حل الكثير من المشكلات الداخلية, وتنامت التظاهرات الطلابية في الجامعات الامريكية ضد سياسة الإدارة الامريكية في دعم «إسرائيل» المطلق, وعدم قدرته على اخماد ظاهرة الاعتصامات الطلابية في الجامعات, وظهر في عهد بايدن «الضعيف» انقسام في الشارع الأمريكي رفضا لما يحدث من حرب إبادة يشنها الاحتلال الصهيوني على قطاع غزة, ومطالبات بوقف فوري لهذه الحرب, لكن نتنياهو احبط كل محاولات بايدن «الضعيف» لتغيير سياسة «إسرائيل» في إدارة الحرب بحيث يستخدم أساليب التحايل والخبث والمراوغة حتى يصل الى أهدافه, وظل نتنياهو يعاند بايدن «الضعيف» حتى اسقط حزبه الديمقراطي في الانتخابات الرئاسية والشيوخ والنواب, ودفعت كاميلا هاريس الثمن باخفاقها في الانتخابات الرئاسية, ليبقى الجمهوريون اسرى لسياسة بايدن «الضعيف» والمهزوز, ويتراجعون في الشارع الأمريكي بشكل خطير بفضل السياسة الامريكية الهوجاء لبايدن وحزبه, وليخسر الديمقراطيون مجلس النواب لصالح الجمهوريين وليقود ترامب حقبته الجديدة بأريحية كبيرة.


ربما يظن البعض اننا نؤسس هنا لسياسة افضل يقودها الرئيس الأمريكي القادم دونالد ترامب, نحن ندرك تماما ان ترامب وجه اخر للبشاعة السياسية والانحياز السافر «لإسرائيل», ونعلم ان ترامب يرسخ لشريعة الغاب التي قادها جو بايدن على مدار سنوات حكمه لأمريكا, فكلاهما وجهان لعملة واحدة, وكلاهما يعملان اجراء لدى رئيس الوزراء الصهيوني المجرم بنيامين نتنياهو, والمستجير بهما كالمستجير من الرمضاء بالنار, لكننا بتنا اليوم نلحظ أن هناك حِراكاً في الشارع الأمريكي يرفض سياسة الإدارة الامريكية الداعمة كليا «لإسرائيل», وقد هالهم مشهد الإبادة الجماعية لشعب اعزل يمارس حقه المكفول دوليا في مواجهة الاحتلال ومقاومته بكل اشكال المقاومة, لكن الزعماء والقادة الأمريكيين لا ينظرون الى هؤلاء الرافضين للسياسة الامريكية, ويتعاملون معهم انهم «معادون للسامية» ويتم قمعهم واعتقالهم وترحيلهم من البلاد لمجرد انهم يعبرون عن رأيهم في دولة تتباهى بانها واحة للديمقراطية, لكن يبدو ان الديمقراطية تتوارى وتختفي تماما عندما يتعلق الامر «بإسرائيل» فلا غرابة ان يقف نتنياهو امام مجلس الشيوخ الأمريكي في خطاب «التصفيق» ليهاجم ويسب طلاب الجامعات الامريكية ويصفهم بأعداء السامية والهمج والرعاع ويقابل ذلك بعاصفة من التصفيق الحار من أعضاء مجلس الشيوخ والنواب الأمريكيين, وبما اننا نتحدث عن شريعة الغاب فقد تواطأ وصفق وتقبل الحزب الديمقراطي الأمريكي كما الحزب الجمهوري خطاب نتنياهو وتبناه, وبالتالي خسر الديمقراطيون ولاية ميشجن الامريكية ذات الأغلبية العربية والمسلمة وخسروا كل الولايات المتأرجحة بسبب التباين والاختلاف في المواقف لديهم.

 

والسؤال الذي يسأله الجميع عن دور الحكومة الامريكية الجديدة في التعامل مع حرب الإبادة التي تقودها «إسرائيل» في قطاع غزة, فهو لن يكون مختلفا عن سابقه, فجو بايدن قدم «لإسرائيل» ما لم تكن تحلم به من دعم سياسي وعسكري ومالي, وتبنى كل مواقف «إسرائيل» ودافع عن جرائمها, وما كان يسعى اليه هو تغيير التكتيك في الوصول الى الأهداف, لكن نتنياهو ابى ان يمنحه ذلك, واصر على المضي بسياساته بعيدا عن بايدن «الضعيف», ولم يقدم له كلمة شكر واحدة امام هذا العطاء السخي, بل ودعم منافسه دونالد ترامب في حملته الانتخابية, وبالتالي فان ترامب سيستمر في الدعم والمساندة «لإسرائيل», لكنه رجل اقتصادي بامتياز, وحتى ينمو الاقتصاد ويزدهر يحتاج الى استقرار سياسي وانهاء للحروب, لذا طلب ترامب من نتنياهو أن يضع حدا للحرب في غزة ولبنان, وضرورة حسم المعركة في اقرب فرصة ممكنة, متعهدا بدعم «إسرائيل» بكل اشكال الدعم بلا قيد او شرط, وعدم الوقوف في وجه «إسرائيل» اذا ما ارادت احتلال قطاع غزة او أجزاء منه, واذا ما ارادت احتلال أراضي في لبنان او سوريا, ولو تطلب الامر شن «إسرائيل» لحرب على ايران فلن يتردد ترامب في دعمها ومساندتها ومشاركتها في العدوان حتى تحقق أهدافها, ولكن كل ذلك مرتبط بفترة زمنية محددة على نتنياهو ان يعمل على تحقيق كل أهدافه خلالها, ثم يتم فتح ملف «صفقة القرن», او اتفاقية ابراهام, والبدء بخطوات متسارعة للتطبيع العربي الإسرائيلي, والسعي لخلق شرق أوسط جديد, تقوده الإدارة الامريكية و»إسرائيل», وتتحكم من خلاله بثقافة وسياسة واقتصاد البلاد, وتهيمن على المنطقة الشرق أوسطية برمتها.

 

بايدن وترامب يرسخلان لشريعة الغاب، التي يأكل فيها القوي الضعيف، وهما يعتقدان ان هذه فرصة سانحة لتحقيق اطماعهما في المنطقة، لكن المقاومة الفلسطينية واللبنانية اثبتتا عمليا ان الوصول للأهداف ليس سهلا, وانهما يمثلان حائط صد صلب ومنيع امام أطماع الإسرائيليين والامريكان, و»إسرائيل» التي فشلت طوال اكثر من عام في تحقيق اهداف حربها بغزة, ستفشل مع أمريكا في خلق شرق أوسط جديد, فارتقبوا انا معكم مرتقبون .

التعليقات : 0

إضافة تعليق