كتب رئيس التحرير خالد صادق
مئات الاف الفلسطينيين الذين انتقلوا من جنوب قطاع غزة الى مدينة غزة وشمالي القطاع، فوجئوا بحجم الدمار ووالخراب الذي حل بديارهم وبيوتهم، بعضهم لم يعرف بيته، وبعضهم وقف على انقاض منزله ليرفع كفيه الى السماء ويدعو على اشرار البشر اليهود ومن والاهم، وبعضهم حاول ان ينبش بيديه العاريتين في الركام لعله يجد شيئا سليما تحت ركام منزله يستفيد منه، خاصة الفراش والغطاء والملابس التي تقيه برد الشتاء، اهوال عظيمه حلت بالمكان، تدل على طبيعة الغزاة وطباعهم الاجرامية، هم مجرمون بالفطرة، ودوافعهم دائما هى دوافع الانتقام والغل والحقد الدفين، وقف العائدون فوق انقاض منازلهم ليفتشوا عن بقايا الحياة بين الاطلال، ولينبعثوا من جديد من بين الركام، وليرسموا صورة الامل على شفاههم ووجوه اطفالهم رغم قسوة المشهد وقتامته، انهم يعشقون الحياة، تلك الحياة الكريمة العزيزة التي تحفظ لهم عزتهم وكرامتهم، وتجعلهم سادة فوق ارضهم وليسوا مجرد عبيد، تعددت اشكال المعاناة وتنوعت، وبقيت الحكايا والروايات المليئة بالاهوال تمثل حديث الناس، وهم يتنقلون بابصارهم بين تلك المساحات الشاسعة من الهدم والردم والصحاري التي صنعها الاحتلال بألته القمعية العدوانية، ولا يكاد مشهد الدموع والاهات يتوقف، والاجساد الغضة ترتعد خوفا من مستقبل مجهول ينتظر الاطفال، والانفاس والثواني تتلاحق متسارعة بحثا عن بقايا الحياة،لكن ارادة الفلسطيني دائما ما تنتصر على كل الاهوال.
«ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الاموال والانفس والثمرات وبشر الصابرين الذين اذا اصابتهم مصيبة قالوا انا لله وانا اليه راجعون اولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة واولئك هم المهتدون» . كل فلسطيني كان يردد هذه الايات لانه يعلم ان ما اصابه هو ابتلاء من الله عز وجل يجب ان يصبر عليه، وان العاقبة للمتقين الصابرين على بلواهم، واليوم حتى تكتمل الملحمة الاسطورية التي صنعها الشعب الفلسطيني، والتي ادهشت العالم كله، اصبح لزاما على الفلسطينيين اعلاء حالة التكامل والتعاضد والتكافل الاجتماعي في ظل اهوال المعاناة التي يعيشها شعبنا الفلسطيني، هناك الاف الاسر التي لم تجد مأوى لها بعدما فقدت بيتها، والتي باتت في العراء، وهناك من لم يستطع توفير قوت يومه، وهناك من لا يملك خيمة تؤويه واسرته، بعد ان منع الاحتلال الصهيوني المجرم ادخال عشرات الاف الخيام الى قطاع غزة وكذلك منع ادخال الكرافانات، ليبقى يمارس نازيته بابشع صورها وسياسة العقاب الجماعي للفلسطينيين، ويتباطأ العالم بشكل ممنهج ومتعمد في اعادة الحياة الطبيعية للفلسطينيين، ويصر على التغاضي عن ممارسات الاحتلال وعدم التزامه بشروط التهدئة التي وقع عليها، وكأن الاحتلال اتخذ قراره باعدام كل ما هو فلسطيني لمجرد انه فلسطيني فقط، لكي يرضي متطرفيه النازيين واحزاب اليمين الصهيونية، صمت العالم عن تنصل الاحتلال من التزاماته، فتزايدت جرائمه ضد الفلسطينيين بشكل ممنهج، وقد حذرت المقاومة الاحتلال من الاستمرار في انتهاكاته وجرائمه.
لن يبقى هذا المشهد القاتم الذي صنعه الاحتلال طويلا، ولن يصمت الشعب ومقاومته على اهوال الموت التي يصنعها الاحتلال ضد الفلسطينيين بخبث شديد، فالاحتلال يختلق الذرائع لكي يبقى في حقبة الانتقام التي لا يريد ان يخرج منها ابدا، لأنه لم يحقق بعد اهداف العدوان على قطاع غزة، ولا يريد ان يخرج من حرب الابادة دون تحقيق كل الاهداف التي حددها رئيس وزرائه النازي الصهيوني المجرم بنيامين نتنياهو، لانه وعد الاسرائيليين بها، وكذلك وعد امريكا والدول الاوروبية، لكنه اخفق وفشل فشلا ذريعا في الوصول للاهداف، لان قياسه للامور كانت خاطئا، اليوم يمسك الرئيس الامريكي دونالد ترامب براية اسرائيل ويتحدث عن تهجير الفلسطينيين من قطاع غزة، وتوسيع رقعة اسرائيل الجغرافية في الضفة الغربية المحتلة وقطاع غزة، وهو يريد ان يحقق نصرا لاسرائيل على حساب الفلسطينيين، حتى وان كان ذلك مخالفا لكل قرارات الشرعية الدولية او لاتفاقيات السلام التى تبنتها ووقعت عليها امريكا واسرائيل، فمنطق القوة وشريعة الغاب التي يعمل به ترامب وحلفاؤه يحتم عليه تحقيق نصر لاسرائيل، لم تنجح هى في تحقيقه، ولكن الشعب الفلسطيني سيفشل مخطط التهجير كما افشله من قبل، حتى ولو تكالبت عليه كل قوى الشر حول العالم، لانه يعلم علم اليقين انه هو صاحب هذه الارض ومالكها، وان النصر حليفه بإذن الله طال الزمان ام قصر، وان غدا لناظره قريب.
التعليقات : 0