العودة.. وبشريات العودة الكبرى

العودة.. وبشريات العودة الكبرى
رأي الاستقلال

كتب رئيس التحرير: خالد صادق
مشاهد عودة اهالي قطاع غزة من جنوب القطاع الى مدينة غزة وشمال القطاع، بعد تراجع الجيش الصهيوني عن شارع الرشيد واعادة تمركزه في مناطق شرق(نتساريم) تلك المشاهد تثلج الصدور وتبشر بالعودة الكبرى، العودة الى القدس وحيفا ويافا وعكا وكل ربوع فلسطين، عودة الغزيين كانت مصحوبة بالتهليل والتكبير وبالفرحة والسرور رغم حرب الابادة الجماعية التي شنها الاحتلال الصهيوني على قطاع غزة.
ما اجمل تلك العبارات التي انطلقت بعفوية كبيرة من افواه الجموع الغفيرة العائدة الى غزة والشمال، احدى السيدات قالت: « نحن عائدين لغزة، وغزة ما بتحلى الا بأهلها، مش مشكلة ان بيوتنا دمرت, واهلنا قتلوا جراء عدوان الاحتلال عليهم, صحيح ان هذا فجعنا وزاد من معاناتنا, لكن من المهم ان نقف على ارض غزة الحبيبة, ونقيم خيامنا فوق انقاض منازلنا، التي سنعيد بناءها من جديد».
مثل هذه العبارات تلخص ببساطة سر صمود وتمسك الشعب الفلسطيني بأرضه، الاحتلال الصهيوني يستغرب من سر هذا التسارع الفلسطيني بالعودة الى غزة والشمال، رغم انهم حولوها الى ارض خراب ودمروا كل شيء فيها، لكن السر الذي لا يدركه الاحتلال ان مفاتيح هذه الارض في ايدي الفلسطينيين، لأنهم اصحابها الحقيقيون، وهم يقاتلون من اجلها عن عقيدة وايمان ويقين بالنصر والتمكين، وقد قدموا كل هذه التضحيات الجسام وهم راضون، لم تكسرهم ولن تكسرهم شدة البطش والقتل والدمار الذي فعله ويفعله بهم الاحتلال الصهيوني المجرم.
مشاهد عودة الفلسطينيين الى غزة والشمال اغاظت الإسرائيليين, ودفعت الى موجة اعلامية من الانتقاد لنتنياهو وحكومته، وتوجت التصريحات بحديث الصهيوني المتطرف بتسلئيل سموتريتش وزير المالية الصهيوني الذي قال: « إن هذا المشهد لا يوحي بالنصر المطلق لإسرائيل في حربها على غزة» منتقدا نتنياهو الذي عطل مخطط الاستيطان الصهيوني في قطاع غزة»، ويبدو ان الاحتلال بات يدرك ان الفلسطينيين لم يدفعوا الثمن وحدهم، وان ارادتهم لا تقهر وانهم متمسكون بارضهم حتى الرمق الأخير, فلم يفلح الاحتلال بحرب الإبادة الجماعية التي استهدفت المدنيين العزل وكل شيء كسفك الدماء والهدم والتجويع في تهجير السكان خارج قطاع غزة، ما يسمى بوزير الامن القومي الصهيوني المستقيل ايتمار بن غفير قال وهو يشاهد جموع الفلسطينيين العائدين: «لم نقاتل من اجل عودة هؤلاء, يجب العودة الى القتال مرة اخرى واعادة احتلال قطاع غزة»، ليدلل على عقلية هذا الاحتلال ونظرته العنصرية الى الشعب الفلسطيني، ومحاولاته لقتل فرحة الفلسطينيين واخفاء اي مشهد للانتصار على الاعداء الصهاينة، حتى وان كان النصر مشهديا, فهذا يغيظ الاحتلال ويجعله في حالة احباط شديد, وينذر بالعودة الكبرى الى ارض فلسطين التاريخية من نهرها الى بحرها، ويؤدي الى حالة من الجدل والتقاذف بالعبارات النابية, بين الإسرائيليين وتبادل الاتهامات والمزيد من التشتت داخل الكيان الصهيوني.
بعبارات « الله أكبر الله أكبر الله أكبر لا إله الا الله.. الله اكبر الله اكبر ولله الحمد» انطلقت مسيرات العودة الى غزة والشمال، وكأننا نشاهد موسم الحج في صعيد عرفة والنفير الى المزدلفة، امتزجت الدموع بالفرحة، واختلطت المشاعر بين لم الشمل والفقدان، وتبقى دائما فلسطين هي البوصلة والكلمة والقبلة الاولى لأهلها، والتي يبذل من اجلها كل غالٍ ونفيس، لقد راود الامل تلك الانفس الطيبة التي بذلت واعطت ومنحت بعد مشهد العودة المبشر بالعودة الكبرى، وكأننا اما مشهد مصغر للعودة الى فلسطين التاريخية، العودة مشيا على الاقدام بصوت التكبير والتهليل، «وليدخلوا المسجد كما دخلوه اول مرة, وليتبروا ما علوا تتبيرا».
كانت الأبدان مثقلة بالهموم والاحزان والامراض والاوجاع، لكنها تعاظمت امام قدسية فلسطين ومكانتها لدى شعبها وامتها، كانت كلمات الشكر والعرفان تنهال على المقاومة الفلسطينية، عرفانا بعطائها اللا محدود، وقدرتها على الصمود في وجه الابادة الجماعية وتنفيذ مخطط التهجير.
حركة الجهاد الاسلامي في فسطين لا تتوانى لحظة في خدمة شعبها وتسخير كل الامكانيات للتخفيف من معاناته, فقد هنأت الشعب الفلسطيني بالعودة, وحيت صمود الفلسطينيين في وجه العدوان، وقد عاهدت الجهاد الشهداء بالوفاء لدمائهم وتضحياتهم مهما كان الثمن، واثبتت ان وحدة المقاومة اصلب وامتن من ان يحاول البعض العبث بها, فهى رفعت دائما منذ انطلاقتها المجيدة شعار الوحدة من خلال التعدد، واثبتت القول بالفعل, وقدمت الواجب الذي لا يمكن ان يتجاهله احد, فتحية لسرايا القدس, ولكتائب لقسام, ولبقية الفصائل الفلسطينية التي غلبت الواجب على الإمكان, لا زال الحلم يراود الشعب الفلسطيني بالعودة الكبرى, وما ذلك على الله بعزيز.

التعليقات : 0

إضافة تعليق