النوايا المُسبَقَة والحقيقة المُطلَقَة

النوايا المُسبَقَة والحقيقة المُطلَقَة
رأي الاستقلال

بقلم رئيس التحرير / أ. خالد صادق

تستخدم الإدارة الأمريكية دائماً وأبداً نواياها المُسبَقَة بتحميل المقاومة الفلسطينية، وتحديداً حركة حماس مسؤولية فشل أية جولة محادثات بين المقاومة و "إسرائيل"، وتعبِّر الإدارة الأمريكية بشكلٍ فاضحٍ عن مواقفها بالترويج جوراً وبُهتاناً بأن حماس تتحمّل وحدها مسؤولية إفشال المفاوضات وأن "إسرائيل" قدّمت كلَّ المطلوب منها والكُرة الآن في ملعب حماس، وهذه أكاذيب لا تنطلي على أحد فالعالم الذي يغضّ الطرف عمّا يرتكبه الاحتلال الصهيوني من جرائم تقشعر لها الأبدان ويتكتّم على حرب الإبادة الجماعية التي يشنّها العدو الصهيوني ضدّ شعبٍ أعزل لا يمكن أن يأتيك بالحقيقة ويخبرك أن الاحتلال يتعنّت، خاصة أن هزيمة الاحتلال تعني هزيمة محور الشرِّ كلّه بزعامة الإدارة الأمريكية؛ لذلك تبذل الإدارة الأمريكية ودول غربية جهوداً خبيثة ومُضنية لإجبار المقاومة على توقيع اتفاق "استسلام"؛ لأن خروج المقاومة منتصرة يعني أن "إسرائيل" ضعيفة ومهزومة ويمكن إزالتها من المنطقة، والإدارة الأمريكية فشلت في مشروعها الاستعماري بشرقِ أوسطٍ جديد.

 

المحادثات حول التهدئة تراوح مكانها رغم الحديث عن تقدّم في المفاوضات؛ لأن هناك ثوابتَ حدّدتها المقاومة منها إنهاء العدوان على قطاع غزة، وعدم العودة للحرب مرة أخرى، وانسحاب جيش الاحتلال من القطاع، كأهمِّ شرطَين تتمسك بهما المقاومة، بينما يُصرُّ الاحتلال على استمرار العدوان وإبقاء الجيش في عدّة محاور بالقطاع، والحقيقة أن الإدارة الأمريكية تتبنّى بشكلٍ كاملٍ الموقفَ الإسرائيليّ وتضغط على الوسطاء؛ لإقناع حماس والمقاومة بالموافقة على شروط الاحتلال، لذلك تبدأ كل جولة مفاوضات وتنتهي دون تحقيق أية نتائج لإنهاء حرب الإبادة الجماعية التي يشنّها الاحتلال الصهيوني على قطاع غزة منذ نحو خمسة عشر شهراً، ولعلّ "إسرائيل" والإدارة الأمريكية تراهنان على أمورٍ عدّة، منها:

أولاً: اللعب على العامل النفسي من خلال زيادة الأزمات الحياتية وتعقيدها.

 

ثانياً: التحريض من خلال تحميل حماس والمقاومة مسؤولية إفشال أيّة جهود للوصول إلى تهدئة مؤقتة؛ لتأليب الناس على المقاومة الفلسطينية.

 

ثالثاً: الضغط على قيادة حماس في الخارج بملاحقتها والتحريض على طردها من الدول التي تُؤوي إليها وإغلاق مكاتبها واعتقال نشطائها ومنع تدفق الأموال إليها.

 

رابعاً: محاصرة ومحاولة إضعاف الدول التي تقف مع المقاومة وتقوم بدعمها مالياً ولوجستياً وعسكرياً؛ كي تبقى المقاومة ضعيفة ومعزولة ولا نصيرَ لها. 

 

خامساً: استهداف قيادات المقاومة الفلسطينية بالاغتيال؛ للتأثير في قرارها بالتمسُّك بشروطها لإبرام أيّة صفقة مع الاحتلال الصهيوني.

 

وهناك تفاصيل وأمور كثيرة يمارسها الاحتلال الصهيوني والإدارة الأمريكية ودولٌ حليفة لـ"إسرائيل"؛ لمحاصرة المقاومة والضغط عليها للقبول بالأمر الواقع، لكن كل ذلك لم يكُن إلّا حافزاً للمقاومة للتمسُّك بشروطها أكثر وعدم الرضوخ لرغبات الاحتلال والإدارة الأمريكية حتى مع تهديدات الرئيس الأمريكي المنتظَر دونالد ترامب بتحويل الشرق الأوسط إلى جحيم، فالجحيم بالنسبة لشعبنا الفلسطيني هو بقاء الاحتلال جاثماً على صدورنا للأبد.

 

التعليقات : 0

إضافة تعليق