رأي الاستقلال
سياسةُ الاستفرادِ بالسّاحاتِ واتساعُ الفجوات
كتب رئيس التحرير/ خالد صادق
منذ بداية العدوان الصهيوني على قطاع غزة، كان من ضمن أهداف العدوان التي تحدث عنها رئيس الوزراء الصهيوني بنيامين نتنياهو، إسقاط نظرية وحدة الساحات التي أعلنت عنها المقاومة الفلسطينية؛ لأنها كانت تمثّل كابوساً للاحتلال الصهيونيّ، الذي كان يدرك أن وحدة الساحات تعني تعدُّد جبهات المواجهة للاحتلال الصهيونيّ وهو ما لا يقوى عليه الاحتلال؛ لذلك كان نتنياهو ووزير حربه السابق يوآف جالانت يروِّجون بأن "إسرائيل" تقاتل على سبع جبهات، المقصود بها جبهتا (غزة والضفة)، ولبنان، وسوريا، واليمن، والعراق، وإيران، والحقيقة أن "إسرائيل" تروِّج لهذا الأمر؛ لتعطي مبرِّراً لنفسها أمام العالم لاستخدام كلّ أشكال القتل وحرب الإبادة التي يشنّها الاحتلال على شعب أعزل، والعالم مُهيَّأ تماماً لتصديق "إسرائيل" وتبرير جرائمها والبحث عن مسوِّغ لهذه الجرائم.
"إسرائيل" نجحت في الاستفراد بالسّاحات، بدأت بحرب إبادة على قطاع غزة، فكان التدخُّل العسكريّ من بقية الساحات محدوداً ومضبوطاً؛ الأمر الذي سمح للاحتلال بالضرب في الضفة، ثم الانتقال إلى الساحة اللبنانية وضرب حزب الله، ثم الانتقال إلى سورية واستهداف قوتها العسكرية ومطاراتها وأسلحتها الثقيلة ومصانعها العسكرية، مع التهديد الدائم بضرب إيران على اعتبار أنها تقود محور المقاومة في المنطقة، واليوم تحاول "إسرائيل" الاستفرادَ باليمن وتهدِّد بضرب جماعة أنصار الله، وتهدِّده بمصيرٍ مماثِل لمصير غزة ولبنان وسوريا، وما كانت "إسرائيل" لتجرؤ على التهديد والوعيد والعدوان على لبنان وسوريا واليمن لو كان موقف محور المقاومة أكثر متانةً وتنسيقاً وجُرأة في مواجهة وحشية "إسرائيل"؛ لأن مفهوم وحدة السّاحات يعني مواجهة خطر "إسرائيل" بالتزامن بين كلِّ الساحات في وقتٍ واحد وبقيادةٍ موحّدةٍ وبرؤيةٍ واضحة.
اليوم، اليمن على المِحَكّ وهي تواجه وحدَها وتُصرّ على ضرب العمق الصهيونيّ، غير آبهة بالنتائج وتُصرّ أيضاً على منع وصول سفن الدعم لـ"إسرائيل"، وقد تعرّضت اليمن لضرباتٍ متتاليةٍ من قِبَل أمريكا وبريطانيا "وإسرائيل"، لكنها ما تزال صامدة في وجه العدوان، والأمر بلا شك صعبٌ وخطير؛ نظراً لفارق الإمكانيات العسكرية، لذلك لو كان هناك حرص على دوام محور المقاومة واستمراريته فالأمر يحتاج لموقف جاد ومسؤول وجريء، فهل ستستمر "إسرائيل" في الاستفراد بالسّاحات الواحدة تلو الأخرى أَمْ ستتغيّر سياسة المحور لمواجهة الأخطار؟.
التعليقات : 0