رأي الاستقلال (2776)

خياران امام نتنياهو المأزوم ولكن احلاهما مر

خياران امام نتنياهو المأزوم ولكن احلاهما مر
رأي الاستقلال

 

يكتبه رئيس التحرير / أ. خالد صادق

 

ازمة حقيقية تعيشها حكومة الصهيونية الدينية التي يتزعمها بنيامين نتنياهو, وتضم غلاة المتطرفين الصهاينة من أمثال بتسلئيل سموتريتش وزير المالية الصهيوني, وايتمار بن غفير وزير الامن الداخلي الصهيوني, وما يسمى بوزير العدل الصهيوني يا ريف ليفين, والعديد من الوزراء الصهاينة المتطرفين والمهووسين بإراقة الدماء وازهاق الأرواح, هذه الحكومة هي التي ترسم السياسات لنتنياهو, وتحدد مسارات العمل السياسي وفق قواعد تلموديه تؤمن بها ايمانا مطلقا, وتدعو لتنفيذها رغم انها تتعارض مع ابسط القواعد السياسية, وهذا الامر أدى لتفجير جبهات عديدة في وجه نتنياهو, فالجبهة الداخلية الصهيونية تشهد تظاهرات ساخنة بمئات الالاف من الإسرائيليين المحتجين على قرار التعديلات القضائية التي تنوي حكومة نتنياهو تشريعها, والقدس والمسجد الأقصى تندلع فيه مواجهات بشكل يومي بين المصلين المعتكفين في المسجد الأقصى, وجنود الاحتلال الذين يحاولون افراغ المسجد الأقصى من المعتكفين بداخلة بالقوة, وتمكين قطعان المستوطنين من اقتحام المسجد الأقصى بقوة السلاح والقمع وممارسة طقوسهم التلمودية داخل باحات الأقصى, والشروع بذبح القرابين كرمز تلمودي يتبعه هدم الأقصى وإقامة الهيكل المزعوم على انقاضة, والازمة الثالثة تتمثل في العمليات الفدائية المتصاعدة من الفلسطينيين ضد الاحتلال الصهيوني, فالضفة تشتعل, وكذلك القدس والأراضي المحتلة عام 48م والمستوطنون ليسوا في مأمن اثناء تنقلهم بين المستوطنات في الضفة المحتلة, وهم عرضة لهجمات المقاومين الفلسطينيون, والعمليات الفدائية وصلت لقلب تل ابيب لتسقط نظرية الامن الصهيونية مرارا وتكرارا اما الفلسطينيين, الذين استطاعوا بإرادتهم وعزيمتهم, وبإمكاناتهم البسيطة تكبيد الاحتلال خسائر بشرية كبيرة, كما اشتعلت جبهة لبنان وجبهة الجولان وغزة بصواريخهم في وجه الاحتلال كرمز فعلي وعملي لوحدة الساحات.

 

لذلك نتنياهو امامه خياران لا ثالث لهما, الخيار الأول هو الانغماس اكثر في مستنقع حكومة الصهيونية الدينية, وتبني خياراتهم التلمودية بشكل كامل, والتي لا تتناسب مع الوضع السياسي الذي تشهده الساحة الفلسطينية والمنطقة والعالم باسره, والذي تحذر منه الإدارة الامريكية وتنصح «إسرائيل» بالابتعاد عنه, لان عواقبه وخيمة على مستقبل «إسرائيل» في المنطقة, ودورها المنوط بها لتكوين حلف تقوده «إسرائيل» وتشارك به العديد من البلدان العربية, وتكون مهمته محاصرة واضعاف وافشال مشروع المقاومة في المنطقة, الذي تقف على رأسه ايران, هذا التحالف الذي بدأ يضعف بالخطوة الصينية, باحداث تقارب بين ايران والمملكة العربية السعودية كأهم دولة في التحالف المنوي تشكيله بقيادة «إسرائيل», وإعادة العلاقة بين البلدين, وتبادل السفراء واستئناف العلاقات التجارية بينهما, وامريكا تريد انقاذ «إسرائيل» واخراجها من هذا المسار الذي لا تقبل به ولا تشجعه, اما المسار الاخر والخيار الثاني الذي تدفع الإدارة الامريكية باتجاهه, ويؤيده ما يسمى برئيس دولة الاحتلال يتسحاق هرتسوغ, فهو تحالف أحزاب المعارضة العلمانية وتحديدا لبيد وبينت مع حكومة نتنياهو, هذا التحالف الذي تنشده المعارضة الصهيونية لإفشال الصهيونية الدينية لتباعد المواقف السياسية بينهما, الى الحد الذي يمكن ان يصل الى حد التخوين والعمالة, ولا غرابة ان نسمع أنشل فيفر، كاتب السيرة الذاتية غير الرسمية لرئيس الوزراء الصهيوني، إن «نتنياهو محاصر وإنه يواجه مستوى من المعارضة والاحتجاجات لم يتخيله قط», وهذا يوضح المعضلة التي تواجه نتنياهو, وتظهر استطلاعات الرأي أن ائتلافه سيخسر أي انتخابات جديدة، ويستطيع نتنياهو في الوقت نفسه الاعتماد على القليل من حسن النية من الأعداء القدامى وحلفائه السابقين الذين ما زال في حلقهم غصة من التجارب السابقة, وقد يلجأ للتحالف معهم مجبرا على غير رغبته.  

 

نتنياهو في موقف لا يحسد عليه, وهو يغامر بكل شيء في سبيل فك طوق الملاحقة القانونية له عن رقبته, ولا شك انه ينظر لمصالحه الخاصة, وهذا قد يدفعه لارتكاب المزيد من الحماقات بحق الفلسطينيين, بعد ان اهتزت حكومته بشدة, وتراجعت شعبيته الى حد بعيد, والسلامة الأمنية التي كان يراهن عليها انهارت امام قدرات الفلسطينيين, وبات الفلسطيني يستطيع ان يخترق منظومة الامن الصهيوني بسهولة, ويصل الى عمق شارع «ديزنغوف» بقلب «تل ابيب» وهو يحمل مسدسه او سلاحه الرشاش, وهذا الامر هو الذي أصاب نتنياهو وحكومته الدينية بالجنون, وجعلهم يفكرون بمنطق عصابات المافيا, والنازيين, والفاشيست, فنتنياهو خرج ليهدد ويتوعد, ويقول لمستوطني ما يسمى بالغلاف الحدودي مع قطاع غزة, انه تنتظركم أيام صعبة وقاسية عليكم ان تتحملوها, ما يوحي انه ينوي شن حملة عسكرية على قطاع غزة, يحاول خلالها اضعاف المقاومة الفلسطينية والقضاء عليها, صحيح انه فشل اربع مرات في عدوانه على قطاع غزة, لكنه يحاول ان يرضي الإسرائيليين الذين بدأوا يفقدون الثقة به وبحكومته اليمينية المتطرفة, وذلك نتيجة الإخفاقات المتتالية لهذه الحكومة على المستوى الأمني والسياسي والعسكري, انها حكومة مغامرات, تعمل وفق رؤى تلمودية اسطورية غير واقعية, اليوم بات صوت ابن غفير يخفت قليلا, لانه شاهد كيف يتلاحم الفلسطينيون ويتوحدوا للدفاع عن مسجدهم الأقصى, ويبدو ان نتنياهو أراد ان يكشف لهم خطورة الاقتراب من الأقصى, فوضعهم في قلب المعركة, وخرج اول امس ليقول انه ليس لديه أي نية لتغيير الواقع في المسجد الأقصى المبارك, لكنه في نفس الوقت وحتى لا يفسر هذا على انه تراجع امام الفلسطينيين, قرر تعزيز الوحدات العسكرية في القدس, والاستمرار في اغلاق المعابر مع غزة والضفة, واشراك الجيش في أي عمليات قمع للفلسطينيين, واستحث المستوطنين على إبقاء السلاح قريبا منهم تقتل الفلسطينيين اذا ما شعروا بأي موقف في ريبة او شك يهدد حياتهم, بمعنى القتل بالنوايا.        

التعليقات : 0

إضافة تعليق