بقلم رئيس التحرير / أ. خالد صادق
وصف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مخرجات القمة العربية وتحديدا " خطة الاعمار" التي طرحتها مصر وتبنتها القمة العربية بأنها غير واقعية، مؤكدا انه يجب ان يتم اخلاء قطاع غزة من سكانه "التهجير", من اجل البدء بخطة الاعمار، وانه سيدعم إسرائيل في حال قررت العودة للحرب على قطاع غزة، اما رئيس الحكومة الصهيونية بنيامين نتنياهو فرفض كل قرارات القمة, لأنه يرفض تولي السلطة إدارة قطاع غزة, وبالتالي هو اغلق الباب تمام في وجه القادة العرب, وتوعد الفلسطينيين بعدوان اشد فتكا وحصارا مشدد سيمنع من خلاله ادخال المياه والكهرباء والدواء والغذاء الى قطاع غزة, بينما اشترط وزير الخارجية الصهيوني جدعون ساعر على ضرورة اطلاق سراح الاسرى الصهاينة لدى المقاومة, وتجريدها من سلاحها, وغياب حماس والجهاد الإسلامي تماما عن المشهد الفلسطيني, ومثل هذه التصريحات تظهر حجم الفجوة في المواقف بين القرارات التي خرجت بها القمة العربية, والمواقف الصهيوامريكية, فيما رحبت فصائل المقاومة الفلسطينية وتحديدا حركة حماس بخطة الاعمار وباللجنة الإدارية المرشحة من الدول العربية لإدارة قطاع غزة, فيما ذكرت القناة 12 العبرية ان ما تسمى بالقيادة الجنوبية في الجيش الصهيوني أصدرت تعليمات للجنود بالاستعداد لاحتمال استئناف الحرب على قطاع غزة, وبات من الواضح ان هناك قرار صهيوامريكي بتهجير السكان الفلسطينيين من قطاع غزة قسرا, سوآءا بالحصار او القتل واستخدام سياسة التجويع والتعطيش ونشر الأوبئة بين الناس.
القمم العربية المتلاحقة تتبنى مواقف بخصوص القضية الفلسطينية, لكنها تبقى مجرد حبر على ورق, ولا يتم تنفيذها مطلقا, فكل أوراق القوة بيد العرب تبقى دائما رهينة سياسة الإدارة الامريكية, ولا يستطيع العرب تنفيذها الا اذا تبنتها الإدارة الامريكية, وشجعت على المضي بها, حتى تلك الدول العربية التي تقيم علاقات مع "إسرائيل" لا تستطيع قطع العلاقة مع هذا الكيان الصهيوني المجرم وهو يرتكب جرائم حرب بحق الفلسطينيين, ويمارس سياسة القتل الجماعي وحرب الإبادة ضد شعب اعزل, فاذا ما كانت القضية الفلسطينية قضية مركزية للعرب والمسلمين كما يردد القادة العرب, فانه يجب استخدام كل أوراق القوة بيد العرب ضد الاحتلال الصهيوني وممارساته العنصرية, "فإسرائيل" التي تضرب بالعصا الامريكية وتمارس كل اشكال القتل والعدوان تحت الغطاء الأمريكي, لن يردعها الا موقف عربي موحد في مواجهة هذا التعنت الصهيوني, القضية الفلسطينية تحتاج الى نصير ومن يساند هذا الشعب الفلسطيني العظيم, والذي يدافع عن شرف الامة, ويتصدى لأطماع "إسرائيل" في المنطقة, ويحبط كل مخططات الاحتلال واطماعه العدوانية من خلال الصمود امام الة القمع العدوانية الصهيونية, والذي سيعزز الصمود الفلسطيني هو ذاك الاسناد العربي المأمول, والمواقف العربية المساندة للقضية الفلسطينية, فالاحتلال يهدد بالتهجير, ويطالب مصر والأردن والسعودية وغيرها من الدول العربية التي طالبها باستقبال الفلسطينيين وايوائهم وكأن الفلسطينيين ليس لهم وطنا يؤويهم.
الفلسطينيين في قطاع غزة لم يستقروا بعد في الأماكن التي عادوا اليها, وهم يحاولون تهيئة أماكن تؤويهم بعد ان هدم الاحتلال منازلهم, وفي وقت يمنع فيه الاحتلال ادخال أي معدات لإزالة الركام ومنع دخول مواد البناء, كما قام بإغلاق المعابر لمنع دخول المساعدات الى قطاع غزة وذلك لليوم الخامس على التوالي, وكل هذه محاولات لإجبار المقاومة على التنازل والاستسلام والقبول بشروط الاحتلال, لكن المقاومة متمسكة باتفاق التهدئة الذي تم التوقيع عليه, فإصرار الاحتلال على تجويع الأهالي في قطاع غزة يتطلب ان تكون هناك مواقف عربية حقيقية لإفشال مخططات الاحتلال واحباطها, تلك المخططات التي رفضتها الكثير من الدول على مستوى العالم لكن الاحتلال لا يعبأ بذلك لأنه يتحصن بالفيتو الأمريكي وبالحصانة من ملاحقته في المحاكم الدولية, لذلك يجب التخلص عربيا من الضغوط الامريكية وفتح معبر رفح البري وإدخال مئات شاحنات المساعدات التي تقف على الجانب المصري من المعبر والتي تنتظر السماح بدخولها, ولا يمكن لإسرائيل ان تسمح بإدخال المساعدات لقطاع غزة لان مخطط التجويع والتهجير والابادة مخطط ممنهج ويهدف لكسر إرادة الفلسطينيين ودفعهم للقبول بشروط الاحتلال, وكسر المقاومة وهى تعول على الموقف الأمريكي الداعي لتهجير الفلسطينيين من أراضيهم, الفلسطيني متمسك بارضه, وهو يقاوم مخطط التهجير بكل ما يملك من قوة, وهو يحتاج لسند عربي واسلامي ومن احرار العالم, سوآءا على المستوى الرسمي او الشعبي, وشهر رمضان المعظم الذي نحتفل به في هذه الأيام هو شهر الانتصارات للعرب والمسلمين, فهل ينصر العرب والمسلمين إخوانهم الفلسطينيين, وهل ترتقي قرارات القمة العربية وتخرج من حيز القول الى حيز الفعل, نتمنى ذلك ونأمل ان يشهد شهر الانتصارات, انتصارا للفلسطينيين, وتجسيدا واضحا لمعاني الترابط العربي والإسلامي مع القضية الفلسطينية نصرة لها.
التعليقات : 0