2982

استغلال الظرف وسياسة غض الطرف

استغلال الظرف وسياسة غض الطرف
رأي الاستقلال

بقلم / رئيس التحرير أ. خالد صادق

الظرف الذي يعيشه الفلسطينيون وخاصة في قطاع غزة، ينذر بكوارث إنسانية وبيئية وصحية خطيرة، فالاحتلال يغلق المعابر منذ نحو تسعة أيام, ومع بداية شهر رمضان المعظم الذي تزداد فيه حاجة الفلسطينيين ويمنع دخول الغذاء والدواء والوقود ومواد الاعمار والخيام والكرفانات وغيرها، وهو يمارس سياسة العقاب الجماعي بشكل ممنهج، ويضيق الخناق على الفلسطينيين بغرض تهجيرهم من ارضهم قسرا، او هلاكهم وتصفية قضيتهم وتنفيذ مخطط التوسع على حساب الأراضي الفلسطينية ودول الجوار، الأوضاع الاقتصادية تزداد سوءا يوما بعد يوم, والاحتلال الصهيوني يتحدث عن مرحلة التجويع ومنع الغذاء وقطع الكهرباء والمياه عن قطاع غزة, الغريب والعجيب ان العالم كله يقف صامتا امام مثل هذه التصريحات ولم يحرك ساكنا, بل انه يبحث عن مبررات للاحتلال الذي يقوم فعليا بقتل شعب اعزل بشكل جماعي, والعالم كله شريك في هذه الجريمة الجماعية, شريك بصمته, شريك بتعاونه بمد الاحتلال بالسلاح ودعمه سياسيا واقتصاديا, شريك بالتنكر للمواثيق والأعراف الدولية والقوانين التي تجرم سياسة التجويع والتعطيش ومنع الدواء والحصار وتعتبرها من ابشع الجرائم, لكنها تغض الطرف عن كل هذه الانتهاكات, حتى التظاهرات التي تخرج في أمريكا او دول أوروبية للالتزام بالقوانين الدولية وكبح جماح "إسرائيل" ورفع الغطاء عنها تجرم ويعتقل المتظاهرون ويفصلوا من الجامعات وأماكن عملهم ويهجروا قسرا من البلدان التي يعيشون فيها, فهل هذه هي الديمقراطية التي يتحدثون عنها ليل نهار, ويطالبون بتطبيقها في كل دول العالم, لكنها ديمقراطية بمعايير خاصة لا تطبق الا في بعض جوانبها وبما يخدم مصالح "إسرائيل" والدول الكبرى في العالم, انها الديمقراطية المنقوصة ولا تتبدل وتتغير وفق المصالح الخاصة.    

العالم يظهر بوجهه القبيح وبكل هذه البشاعة, ولا يبالي بالشعارات الزائفة التي يروج لها ليل نهار تحت شعار "التحضر" هذا العالم الذي يرى "إسرائيل" توقع على اتفاق بمراحله الثلاثة, ولا تلتزم بتنفيذ هذا الاتفاق, وقبل ان تنتهي المرحلة الأولى يقوم الاحتلال بالتحلل من هذا الاتفاق ورفض تنفيذ بنوده الا بما يخدم مصلحته فقط, غير ابه برعاة هذا الاتفاق ويبدو ان "إسرائيل" هي الدولة الوحيدة في العالم المسموح لها بالتحلل من الاتفاقيات التي توقع عليها في الوقت الذي تشاء, دون ان يحاسبها احد على ذلك, فأمريكا وعلى لسان رئيسها ترامب أعطت الحق لإسرائيل في العودة للحرب على غزة في اعقاب انتهاء الجولة الأولى من الاتفاق, متعهدة بدعم "إسرائيل" عسكريا بلا حدود, وفتح مخازنها ومستودعات الذخيرة في العالم كله لدعم إسرائيل في حربها على قطاع غزة, وبالتالي "إسرائيل" تمضي بسياستها النازية ضد الشعب الفلسطيني دون محاسبة, والعالم الظالم لا يكتفي بالصمت والتخاذل انما يتعهد بالدعم والتأييد وتزويد الاحتلال بكل ما يلزم, حتى أصبحت سياسة غض الطرف عن انتهاكات الاحتلال الصهيوني للاتفاقات التي توقع عليها سياسة ممنهجة, وبات الفلسطيني يدرك ذلك, وييقن تماما ان هذا العالم غير قادر على حماية اية اتفاقات يوقع عليها اذا كانت "إسرائيل" طرفا قي أي اتفاق, وهي تعمل برؤيتها ووفق مصالحها لأنها تضمن تماما ان أحدا لن يحاسبها على انتهاكاتها للاتفاقيات التي توقع غليها, "إسرائيل" التي تفرض على الدول استقبال المهجرين الفلسطينيين فوق أراضيهم رغما عن انفهم, وتدفع أمريكا لتبني مخطط التهجير ودعمه, وتنظم المؤتمرات لتحديد الدول المستعدة لاستقبال الفلسطينيين فوق أراضيها, وتقدم الاغراءات المالية والاقتصادية لتلك الدول لإقناعها باستضافة مئات الاف الفلسطينيين ويبقى العالم صامتا.    

المعابر لا زالت مغلقة, وقطاع غزة محاصر منذ سبعة عشر عاما, والاحتلال يتحكم في كل مناحي الحياة فيه, وقطاع غزة عبارة عن سجن كبير للفلسطينيين, الذين عليهم ان يعيشوا تحت وطأة هذا الاحتلال وجنونه ونازيته وغرائزه العدائية ضد كل ما هو فلسطيني وعربي ومسلم, ويتحدث الاحتلال عن التجويع والتعطيش ونشر الامراض والاوبئة بين الفلسطينيين ومنع الدواء, وفق سياسة نازية ممنهجة, ونحن نعيش القرن الواحد والعشرين, والعالم الظالم يرفع شعار كاذب عن الحضارة والتقدم والإنسانية, ويدافع عن البيئة والحيوانات والشذوذ, ولكنه يتنكر لحقوق الفلسطينيين بالعيش الكريم فوق ارضهم, ذاك الفلسطيني الذي يحرم من الصلاة في المسجد بعد ان هدم الاحتلال كل المساجد في قطاع غزة, ويحرم من الصلاة في المسجد الأقصى منذ عشرات السنين بعد ان منع الاحتلال الغزيين من دخول القدس للصلاة فيه, حتى انه حدد عمر المصلين لمن هم فوق الستين عاما من سكان القدس والأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1948, في الوقت الذي يرفع فيه العالم الظالم شعار حرية العبادة, لكن يبقى الفلسطيني دائما محروما من تلك الحقوق, فهل يرى العالم وجهه القبيح, ام انه سيبقى يلبس ذاك القناع الزائف على وجهه كي لا يرى احد ملامحه القبيحة, ام انه يعيش هذه الحالة ويتعايش معها معتقدا ان الجميع مقتنع بتلك الشعارات الزائفة التي يرفعها ويروج لها, انظروا فقط الى دولكم لكي تدركوا ان أحدا لم يعد مقتنعا بالشعارات الزائفة التي ترفعوها, تظاهرات تخرج في ولايات أمريكية ودول أوروبية وفي دول اسيا وامريكا الشمالية ترفض التمييز في التعامل وتطالب برفع الظلم عن المقهورين, ولا تنخدع بالشعارات البراقة, فهلا تدركون ان "إسرائيل" تمثل خطرا كبيرا عليكم من خلال تعاطيكم الاعمى معها ام انكم منسجمون تماما مع سياسة الظلم والقهر وغض الطرف  التي تلبيستكم لأجل حماية "إسرائيل" ورعايتكم لها؟!.   

التعليقات : 0

إضافة تعليق