رأي الاستقلال (العدد 2764)
حرب دينية يشنها الاحتلال الصهيوني على الفلسطينيين, في اطار مخططه بخلق واقع جديد داخل المسجد الأقصى المبارك, محاولات مستميتة لمنع الفلسطينيين من الاعتكاف في المسجد الأقصى, واخراجهم منه بالقوة, ذلك لأن الاحتلال يريد ان يمارس طقوسه التلمودية في باحات الأقصى بعيدا عن اعين الفلسطينيين المعتكفين داخله, خوفا من ردات فعل غاضبة, فالاحتلال اعتاد يوميا على دخول باحات الأقصى بعد صلاة الفجر وخروج المصلين من المسجد الأقصى لممارسة طقوسه هناك, واعتكاف المصلين في باحات الأقصى يمنع ذلك, ويفضح ممارسات المستوطنين في الأقصى امام الرأي العام, «فجماعات الهيكل المزعوم» وما يسمى «بحركة نعود للجبل»، أعلنت رصدها مبالغ مالية كمكافآت للمستوطنين الذين يحاولون ذبح «قربان» في المسجد الأقصى المبارك، خلال عيد الفصح اليهودي، مشيرة إلى أنها ستقدم لمن يتمكن من ذبح «القربان» داخل المسجد الأقصى 25 ألف شيقل، و2500 شيقل في حال تم اعتقال نشطائها داخل المسجد الأقصى وبحوزتهم «القربان». وأطلقت الجماعات الاستيطانية المتطرفة دعوات لأنصارها لتنفيذ أكبر اقتحام للمسجد الأقصى خلال عيد الفصح العبري، تزامنا مع ما أعلنه جيش الاحتلال بفرض إغلاق على الضفة الغربية وقطاع غزة، وإغلاق الحواجز كافة خلال فترة العيد، وكان 15 حاخاما بعثوا رسالة إلى رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، ووزير الأمن القومي المتطرف إيتمار بن غفير الأربعاء الماضي طالبوا فيها بالسماح للمستوطنين بذبح قرابين ما يسمى بعيد الفصح لهذا العام في المسجد الأقصى, وهناك تحريض من وزراء في حكومة الصهيونية الدينية التي يتزعمها نتنياهو, على فرض ذلك الامر فرضا على الجميع, دون انتظار اذن من احد, حتى لو كان من حكومة نتنياهو, فالواقع في المسجد الأقصى يجب ان يتغير لصالح المستوطنين حسب وجهة نظرهم والفرصة سانحة اكثر من أي وقت مضى لذلك.
اخطر ما كشف عنه موقع (عربي21) نقلا عن مصدر مطلع رفيع المستوى في قمة «العقبة» الأمنية التي عقدت مؤخرا في الأردن، والتي تخص الاعتكاف في المسجد الأقصى المبارك, فقد أكد مصدر مطلع ومقرب من الديوان الملكي الأردني، أنه «تم الاتفاق في قمة العقبة على منع الاعتكاف داخل المسجد الأقصى (من بداية شهر رمضان المبارك) بين المخابرات الأردنية والإسرائيلية، بالتعاون مع مجلس الأوقاف والشؤون الإسلامية في القدس» التابعة للأردن، و تتفق الحقائق ومجريات الأحداث في باحات المسجد الأقصى مع ما كشفه المصدر، حيث قامت شرطة الاحتلال بإخراج المعتكفين خلال الأيام الماضية من المسجد الأقصى المبارك، فدائرة الأوقاف الإسلامية بالقدس التابعة للأردن، سبق أن أكدت لـ»عربي21» أنه من الممكن الاعتكاف ليلة الجمعة والسبت، وهو ما تم بالفعل دون تدخل شرطة الاحتلال، لكن في باقي الأيام (من الأحد وحتى الخميس) من الواضح أن هناك قرارا بمنع الاعتكاف، حيث عملت شرطة الاحتلال على إخراج المعتكفين, وهذه خطوة خطيرة للبدء بالتقسيم المكاني للمسجد الأقصى المبارك بالتنسيق مع دائرة الأوقاف الإسلامية, الامر الذي يكشف عن مخطط خطير يسعى الاحتلال الصهيوني الى فرضه, والتعاطي مع سياسة الحكومة الصهيونية, والواقع الذي يسعى اليه ايتمار بن غفير داخل المسجد الأقصى المبارك, وهذا الواقع الجديد «مكلف» وله تداعيات خطيرة, ظهرت اول امس الجمعة باعتداء قوات الاحتلال الصهيوني على المصلين, واطلاق النار بكثافة تجاههم داخل المسجد الأقصى, واستشهاد احد الفلسطينيين برصاص قوات الاحتلال الصهيوني, واندلاع اشتباكات بين المصلين وجنود الاحتلال وقوات ما يسمى بحرس الحدود, واعتقال عدد من الفلسطينيين, فالاحتلال يضغط بقوة لفرض واقع جديد على الفلسطينيين, بعد قرار اجتماع العقبة الأمني فيما يخص الاعتكاف في الأقصى, والاحداث تكبر وتتصاعد على صفيح ساخن.
بالقرب من باب السلسلة احد أبواب المسجد الأقصى, كانت فتاة فلسطينية تتعرض لمحاولة اعتقال واعتداء من الجنود الصهاينة, وتعالت صرخاتها وهي تستغيث, فيحاول احد الفلسطينيين وهو الشاب محمد العصيبي مساعدتها وتخليصها من ايدي الجنود, لكن رصاص الاحتلال الجبان دائما ما يسبق الكلام, ترجل الشهيد العصيبي برصاص الاحتلال الصهيوني, وارتقى الى العلا بدرجة شهيد, لأن نخوته منعته من الوقوف صامتا امام استغاثة فتاة فلسطينية, فكان نصيبه القتل برصاص الاحتلال الجبان, وبعد جريمة قتل الشهيد العصيبي, قام جنود الاحتلال باقتحام البلدة القديمة والاعتداء على الفلسطينيين بداخلها, واجبارهم على اغلاق محالهم التجارية, وتكسير وتحطيم كل ما يصادفهم من بضائع ومقتنيات, وهى رسالة يصدرها الاحتلال بشكل متعمد للفلسطينيين, وتحديدا من سكان القدس المحتلة, بطبيعة التعامل العنيف والهمجي معهم, بغرض ارهابهم وتخويفهم حتى لا يتصدوا لمخططات الاحتلال التوسعية في باحات المسجد الأقصى, هذه أولى نتائج اجتماع العقبة الأمني, والذي تبقى قراراته سرية وغير معلنة, وما يتم الإعلان عنه هو الذي يسمح بتصديره الى وسائل الاعلام بحيث يضمن عدم ايجاد ردود فعل غاضبة تجاهه, لكن الاعلام العبري يفضح دائما حالة التخاذل العربي تجاه القدس والمسجد الأقصى المبارك, لأنه لا يبالي بردة الفعل الرسمية العربية على التسريبات التي تخرج عن الاجتماعات, فما يهم نتنياهو ووزراؤه واعلامه ان يقولوا للإسرائيليين اننا نحقق مكاسب لكم تفوق الخيال, وعليكم ان تدعمونا دائما.
التعليقات : 0