بقلم رئيس التحرير / خالد صادق
هناك حيث مقر اللجنة الدولية للصليب الأحمر في مدينة البيرة جلست الاسيرة المحررة زهرة فلسطين عطاف عليان، لتعلن اضرابا مفتوحا عن الطعام، احتجاجا على استمرار سلطات الاحتلال الصهيوني باحتجاز جثمان الشهيد القائد خضر عدنان أبي عبد الرحمن، وقالت: «والله ما رح أقطع إضرابي حتى تسليم جثمانه ودفنه بجانب والده حسب وصيته، مضيفة إن لم نستطع الوقوف وقفة جادة في إضرابه على الأقل أن نضمن تنفيذ وصيته»، وتابعت:» أنا وحدي صحيح وهذا لا يهمني». الشهيد خضر عدنان ليس الوحيد المحتجز جثمانه الطاهر لدى الاحتلال الصهيوني، وتقوم قوات الاحتلال باحتجاز جثامين الشهداء، والأسرى الذين استشهدوا داخل سجونه، حيث تواصل احتجاز نحو 370 جثماناً لشهداء فلسطينيين وعرب، استشهدوا في فترات متباعدة، وفي ظروف مختلفة، من بينهم 13 جثماناً لأسرى استشهدوا داخل سجون الاحتلال، كان آخرهم الشهيد القائد خضر عدنان. ويوضعون في مقابر يطلق عليها الاحتلال الصهيوني اسم مقابر الأرقام، ورغم ان هذا فعل اجرامي محرم وفق كل القوانين والأعراف الدولية الا ان هذا العالم الظالم يغض الطرف عن جرائم «إسرائيل» ويعمي عليها، فقضية احتجاز جثامين الشهداء الفلسطينيين هي قضية «مُهملة» ولا يوليها العالم ومنظماته الإنسانية أي اهتمام. واحتجاز جثمان خضر عدنان «سياسي بحت», وتداعياته باتت واضحة في دعوة ذوي الجنود الصهاينة الاسرى لدى الاحتلال بالمساومة على جثامين الشهداء, بإطلاق سراح هؤلاء الجنود الصهاينة المحتجزين في القطاع لدى كتائب القسام، كما ان الاحتلال يقوم بتشريح جثامين الشهداء الفلسطينيين, وسرقة اعضائهم والمتاجرة بها، وهو فعل مجرم وفق القوانين والتشريعات الدولية, لأنه يتم خفية, وعلى غير رغبة ذوي الشهداء, ودون موافقتهم, فقد حذرت اسرة الشهيد القائد خضر عدنان سلطات الاحتلال الصهيوني من تشريح جثمانه والتمثيل به كعادة الاحتلال دائما, والذي لا يتوانى في فرض العقوبات على المعاقبين بدافع الحقد والعنصرية والاجرام.
حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين بالضفة الغربية، والقوى الوطنية والإسلامية نظمت أمس الأحد وقفة جماهيرية للمطالبة باسترداد جثمان الشهيد القائد الشيخ خضر عدنان وجثامين الشهداء الأطهار، كما دعت اللجنة الدولية للصليب الأحمر، سلطات الاحتلال لتسليم جثمان الشهيد خضر عدنان حتى يتسنى لأهله دفنه، وأعربت اللجنة في بيانها عن استعدادها لتقديم الدعم في سبيل إعادة جثمان عدنان في حال طلب منها ذلك، لكن الاحتلال الصهيوني محكوم بسياسة «التعنت» دائما امام مطالب الفلسطينيين, وهو يحاول ان يحقق مكاسب على حساب حقوقهم المشروعة, ولا يتوانى في استخدام كل ادواته اللاأخلاقية وغير المشروعة من اجل الوصول الى أهدافه, وهو يمارس سياسة القهر بحق ذوي الشهداء والأسرى بشكل ممنهج, فقد قام الاحتلال بنقل جثمان الشهيد القائد خضر عدنان إلى معهد الطب العدلي في «أبو كبير» في «تل أبيب» لتشريحه، على الرغم من وصية عائلته بعدم تشريح جثمانه, وأكد رئيس هيئة شؤون الأسرى والمحررين اللواء قدري أبو بكر, أن هيئة شؤون الأسرى والمحررين قدّمت طلباً عاجلاً رسمياً للاحتلال «الإسرائيلي»، بعدم تشريح جثمان الشهيد خضر عدنان، بناء على طلب أسرته، لاسيما وأن أسباب استشهاده واضحة كالشمس, وأضاف: «عندما أبلغت إدارة السجون، ما يسمى بوزير الامن القومي «بن غفير» باستشهاد خضر عدنان، أمر ألا يُعطى الأسرى المضربون عن الطعام أي مغذيات أو مدعمات، وهو اعتراف ضمني على اغتياله», اذا ليس هناك مبرر لتشريح جثمان الشهيد القائد خضر عدنان سوى اقدام الاحتلال على جريمة جديدة بحقه, بسرقة أعضائه, وعدم تسليمه لأهله, ولكن هذا يذكرني بمقولة أسماء بنت ابي بكر الصديق رضى الله عنهما « وما يضير الشاة سلخها بعد ذبحها».
ان كان الاحتلال النازي الصهيوني يظن ان احتجاز جثمان الشهيد القائد خضر عدنان سيؤدي الى ابرام صفقة تبادل مع الاحتلال بالجنود الصهاينة المحتجزين لدى القسام فهو واهم, فقضية الجنود المحتجزين لا يمكن ربطها بأي ملفات أخرى, فهي قضية منفصلة تماما, لن تتم الا بإطلاق سراح اسرانا من سجون الاحتلال, والانصياع لشروط المقاومة الفلسطينية, وقضية احتجاز الجنود الصهاينة لدى القسام ستبقى شوكة في خاصرة الاحتلال, لن يستطيع الخلاص منها, وستبقى تؤلمه وتظهر مدى ضعفه ووهنه امام عزم المقاومة وقدرتها على تحقيق المعجزات, ايمانا منها بأن الحقوق لا تمنح, انما تنتزع انتزاعا من بين انياب الاحتلال, وحدها المقاومة تستطيع ان تواجه الاحتلال بالأسلوب الذي يجبره على تقديم التنازلات, ووحدها من يفرض معادلته على المحتل الصهيوني الغاصب, ووحدها من ينكأ الجرح الصهيوني ويؤلم الاحتلال, وصية الشهيد خضر عدنان التي اكدتها زوجته رندة موسى ام عبد الرحمن شدد فيها ألا يُشرّح جسده وألا يلمس الاحتلال هذا الجسد, وقالت إن الشيخ رفض على مدار 86 يوما إجراء أيّ فحوص طبية وأيّ نوع من المدعّمات ولو مجرد قياس النبض “لأنه لا يريد أن يلمسه أيّ إسرائيلي ونحن كعائلة لا نريد لهذا الجسد الطاهر أن يلمسه أحد غيرنا” فهل لمست طهراً اكثر من ذلك, انه خضر عدنان الثائر حيا والثائر ميتا, والذي أراد ان يحافظ على طهر جسدة المسجى في زنزانته من نجاسة هذا الاحتلال المجرم, لذلك اعتصمت زهرة فلسطين عطاف عليان في مقر الصليب الأحمر, مطالبة ان يبقى هذا الجسد بطهره بعيدا عن ايدي الاحتلال النجسة, وان يعاد الى اهله وشعبه, وهى من ذات المدرسة التي ينتمي اليها الشهيد خضر عدنان, مدرسة الصلابة والقوة والإرادة الفولاذية التي لا يقهرها الجوع ولا الموت.
التعليقات : 0