رأي الاستقلال 2853

عملية تل ابيب البطولية.. اول الغيث قطرة

عملية تل ابيب البطولية.. اول الغيث قطرة
رأي الاستقلال

بقلم/خالد صادق: 

 

مخيم جنين الذي لا تزيد مساحته عن نصف كيلو متر مربع ويقطنه نحو ثلاثة عشر ألف نسمه، يسطر ملاحم بطولية على مدار سنوات طويلة من العدوان، بدءا بمقاومة الشيخ عز الدين القسام والمجاهدين معه للاستعمار البريطاني من احراش يعبد حتى العام 1936, مرورا بملحمة مخيم جنين الأسطورية في العام 2002م, والتي أظهرت مدى وهن الاحتلال وضعفه وقدرة المقاومة على كشفه وتعريته امام العالم, الامر الذي دفع الاحتلال للانتقام من سكان المخيم بتجريفه بالكامل ومحوه تماما عن وجه الأرض واستشهاد نحو خمسمائة فلسطينيا منهم نحو ستين مقاوما, ومقتل نحو 25 إسرائيليا من جنود الاحتلال, ورغم كل هذا التدمير والقتل الا ان الاحتلال يصنف جنين اليوم على انها بيت المقاومة, وانها تمد الحدائق الفلسطينية في الضفة ( نابلس – طولكرم- مخيم عقبة جبر- الخليل ) وكل مدن الضفة ببريق الثورة ولهيبها, فالاحتلال بات يدرك على ان أي عملية عسكرية شرسة ودموية ويرتقي فيها ضحايا, تصبح مهد للثورة ومنبت للفعل المقاوم, وربما لا زال الاحتلال الصهيوني يجهل كيف يتعامل مع الفلسطينيين, وان سياسة القتل, وسفك الدماء, وازهاق الأرواح, يمثل عوامل غليان وتأجيج لبركان الثورة المسلحة في وجه الاحتلال وتوسع رقعة المواجهة, فالدم يطلب الدم, والدم قانون المرحلة. 

  

في الوقت الذي كانت تعلن فيه كتيبة جنين التابعة لسرايا القدس الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي, نصب كمين لاليات الاحتلال المتوغلة في اطراف المخيم, وانها فجرت فيها عبوة ناسف كبيرة وأوقعت عدد من الإصابات في صفوف جنود الاحتلال, كانت تل ابيب تشهد عملية دهس بطولية على يد فلسطيني ثائر استطاع اختراق نظرية الامن الصهيونية والوصول الى قلب تل ابيب, وتنفيذ عملية دهس ضد الإسرائيليين ليصيب ثمانية منهم بجراح, وصفت جراح ثلاثة منهم على الأقل بأنها خطيرة, وامام هذه العملية البطولية, صمتت حكومة الصهيونية الدينية بعد ان فاجأتها الصدمة, رغم كل الاحتياطات الأمنية المتخذة لمنع مثل هذه العمليات, لكن العملية جاءت في قلب تل ابيب التي تعتبرها "إسرائيل" البقرة المقدسة والتي لا يمكن المساس بها, لكن المقاومة اسقطت ذاك المقدس, واستباحت تل ابيب بالصواريخ والعمليات الاستشهادية, وعمليات الدهس والطعن, ولم يعد "لإسرائيل" ولا للإسرائيليين أي مكان محصن لا يمكن المساس به, فالمقاومة فرضت اسلوبها وفرضت أدائها, وقادت معارك بطولية ضد الاحتلال, واستطاعت ان تفرض معادلاتها على هذا الكيان الصهيوني المجرم الذي يعشق إراقة الدماء, وهو كيان قائم على العنف وازهاق الأرواح, يعيش لذاته ويتمرد على القوانين والتشريعات والاتفاقيات.

 

عملية تل ابيب البطولية تؤسس لسلسلة من العمليات المماثلة, التي تخطط لها المقاومة الفلسطينية للرد على جرائم الاحتلال, فأول الغيث قطرة, وأول الغيث كان في تل ابيب, والاحتلال بات يترقب الصفعة الثانية من اين ستأتيه, فاذا كانت الصفعة الأولى جاءت في المكان الأكثر مراقبة وتحصينا وانتشارا مكثفا للأمن والشرطة والوسائل التكنولوجية, فان أي صفعة أخرى للاحتلال ستكون اسهل من سابقتها, لان الاستعدادات الأمنية لن تصل باي حال الى الاستعدادات والاحتياطات الأمنية المتخذة في تل ابيب, لذلك من المتوقع ان تعاني حكومة الصهيونية الدينية بزعامة المجرم بنيامين نتنياهو, من هجوم شديد وانتقادات حادة من المعارضة الصهيونية, واتهام بالجبن والفزع والخوف من الصهيونية الدينية التي يتزعمها ما يسمى بوزير المالية بتسلئيل سموتريتش, وما يسمى بوزير الامن القومي الصهيوني ايتمار بن غفير, وهما اللذان يقودان الحكومة فعليا, ويوجهان السياسة العامة لها, ويحددان مواقفها وفق الرؤية المتطرفة والعنيفة والدموية لهما, فهما يعتقدان جازمين ان "إسرائيل" لن تنعم بالاستقرار والامن والأمان الا بفناء الاخر, والمقصود بالآخر الفلسطينيين والعرب,  وهما يرفعان شعار العربي الجيد هو العربي الميت, ونتنياهو لا يستطيع معارضتهما لأنه يعلم ان مصيره السياسي برتبط بهما.

  

إسرائيل ووفق سياسة "ما بعد" التي تتدارسها, وتتحدث عن مرحلة ما بعد محمود عباس, وكيف تمهد لها, ومن الذي تعده ليخلف رئيس السلطة, ويقوم بالقبول بالدور المنوط به والذي تحدده "إسرائيل" وفق مصالحها وسياستها ورؤيتها الخاصة, عليها ان تتدارس أيضا ما ستلقاه بعد عدوانها الهمجي البربري على جنين, فهى تدرك ان لهذا الفعل الاجرامي رد فعل موازي له في القوة, وان دماء الشهداء لن تذهب هدرا, فالمقاومة الفلسطينية تتدارس كل اشكال الرد على العدوان الصهيوني على جنين, لأنها تدرك ان جنين ليست الأخيرة, انما تمثل بداية لعمليات اجتياح أخرى ربما في نابلس او طولكرم او اريحا او الخليل, لذلك اعتقد ان "إسرائيل" ستطلق العنان للمستوطنين مرة أخرى للقتل والحرق والاعتداء على المدنيين الفلسطينيين العزل, كوسيلة تستخدمها للعقاب الجماعي ضد البلدات التي يخرج منها المجاهدين الابطال لتنفيذ العمليات الفدائية البطولية ضد الاحتلال الصهيوني, علينا ان ندرك ان "إسرائيل" تتخبط, وان سياسة الحكومة الصهيونية ليس عليها اجماع,

التعليقات : 0

إضافة تعليق