بقلم / رئيس التحرير أ. خالد صادق
يبدو اننا امام مرحلة عض الأصابع بين المقاومة الفلسطينية والجيش النازي الصهيوني, فكلما ارتكب جيش الاحتلال مجزرة ردت المقاومة بعملية فدائية نوعية في قلب تل ابيب, ثم تبعها عمليات أخرى في محيط مستوطنات الضفة, ثم يعاود الجيش النازي الصهيوني بالرد باستهداف فلسطينيين في نابلس, او جنين, او طولكرم, او مخيم عقبة جبر, او غيره من المدن, وتبدأ حلقة جديدة فيشرع جيش الاحتلال بأخذ قياسات منزل منفذ العملية الفدائية تمهيدا لهدمة, واعتقال افراد اسرته وأصدقائه وجيرانه, ثم يتبعها اطلاق العنان لقطعان المستوطنين, وافلات العنان لهم لكي يعربدوا في المدن والبلدات والقرى الفلسطينية, سواء التي انطلق منها المنفذ, او البلدات التي تجاورها, ويشرعون بإطلاق النار على المارة والاعتداء عليهم, واحراق السيارات والمنازل والمحاصيل الزراعية, والاعتداء على المنشآت الصناعية والبنى التحتية, ونشر الدمار والخراب في كل مكان, وكأن هذه الهمجية والبربرية والفوضى ستوقف العمليات الفدائية, او تمنع الفعل النضالي المقاوم, والحقيقة انني لا ادري من اين اكتسبت "إسرائيل" هذه القناعة, فمن اقنعوها بهذا الامر خدعوها, لان الفوضى والقتل وسفك الدماء, يقابله دائما الشعب الفلسطيني, برد العدوان بعمليات فدائية نوعية, وقد جرب الاحتلال مرارا وتكرارا إرهاب الفلسطينيين وتخويفهم, لكنه في كل مرة كان يفشل, وفي اعقاب كل مجزرة يرتكبها الاحتلال, كنا نقول ان المقاومة سترد وفي قلب الكيان, وفي كل مرة كانت توقعاتنا تصيب, وترد المقاومة في عمق الكيان, ويبدأ الاحتلال بالصراخ والعويل, وتبادل الاتهامات فيما بينهم, والتقاذف بالألفاظ والسباب, والتهديد والوعيد لبعضهم البعض, لكنهم لا يتعلمون, ولا يريدون ان يقنعوا نفسهم انهم باتوا مستباحين من المقاومة الفلسطينية, التي رسمت معادلات جديدة لا يستطيع الاحتلال ان يتجاوزها, لأنها معادلات فرضت بالدماء والتضحيات, ولن تسمح المقاومة للاحتلال بالتراجع عنها باي حال من الأحوال, لأنها امانة الشهداء التي وضعت في رقاب القادة والمقاتلين الابطال.
تصاعد وتيرة العمليات الفدائية في الآونة الأخيرة ونجاح تلك العمليات وايقاعها خسائر في صفوف الاحتلال له دلالات كبيرة, منها قدرة المقاومين على تطوير أدائهم القتالي ودراسة الميدان جيدا, وتسخيره لخدمة أهدافهم, ثانيا قدرة الفصائل الفلسطينية المقاومة على بناء خلايا ومجموعات عسكرية عاملة في الضفة رغم كل الصعوبات التي توضع امامها, قدرة المقاومة في الضفة على امتلاك سلاحها وتصنيعه في الضفة, الامر الذي يوفر عليهم المخاطر الأمنية من شراء السلاح خارجيا, ويوفر الكثير من الأموال الباهظة التي كانت تدفع لاقتناء السلاح, ورابعا باتت المقاومة ثقافة يتحلى بها الفلسطيني بقناعة كبيرة, في ظل التغول الصهيوني على أهلنا في الضفة, وزيادة وتيرة الاستيطان التي تضاعفت اربع مرات في اعقاب ما تسمى باتفاقية أوسلو, وسعي الاحتلال لضم الضفة بشكل كامل لما تسمى بدولة "إسرائيل", وفصل شمالها عن جنوبها واجتثاث حلم الدولة الفلسطينية, خامسا التحام الحاضنة الشعبية بالمقاومة, والتوافق على المسار المقاوم, والدفاع عن المقاومين وحمايتهم من الاحتلال, لذلك كله لا يمكن للاحتلال ان يقمع المقاومة او ينهيها او يضعفها, وسياسة عض الأصابع التي ينتهجها الاحتلال لإخضاع المقاومة ستفشل, لان أصابع الاحتلال تآكلت بالفعل المقاوم النوعي الذى اربك الاحتلال, وجعله يدخل في حالة صراع وتناحر داخلي, تكبر شيئا فشيئا, وتتمدد وتتسع رقعتها, في ظل الخلاف المحتدم بين الصهيونية الدينية التي تدير سياسة حكومة نتنياهو المجرمة, والصهيونية العلمانية التي تتحفظ على التعديلات القضائية التي تنوي الحكومة اجرائها, وتصر على ملاحقة قادة الحكومة الفاسدين على رأسهم نتنياهو, وتتحفظ على أداء الحكومة خلال جولات القتال التي خاضتها سوآءا في غزة او الضفة الغربية, والتي لم تحقق خلالها اهداف العدوان, واخفقت في الحد من قدرات المقاومة العسكرية, كما أخفقت في مساراتها السياسية في المنطقة في ظل التصاق نتنياهو بالصهيونية الدينية, التي تدير المشهد وتتحكم في السياسات ولا تجني الا الهزائم.
سلسلة العمليات الفدائية بدءا من عملية جنين التي اعترف خلالها الاحتلال بمقتل جندي صهيوني واصابة اخرين بجراح مختلفة، مرورا بالعمليات، التي نفذها الشهيد القسامي أحمد ياسين غيظان، عصر يوم الخميس في مستوطنة "كدوميم" وأسفرت عن مقتل جندي إسرائيلي وإصابة آخر بجراح خطيرة, وسبقها سلسلة من العمليات النوعية التي نفذت مؤخرا أبرزها عملية مستوطنة "عيلي" قرب رام الله في 20 يونيو/ حزيران المنصرم وأسفرت عن مقتل 4 مستوطنين، وجاءت بعد ساعات من مجزرة ارتكبها الاحتلال في جنين وأسفرت عن استشهاد 5 مواطنين والعملية التي نفذها الشهيد عبد الوهاب خلايلة في قلب "تل أبيب" وأسفرت عن جرح 8 مستوطنين بينهم اثنان بحالة الخطر, كل هذه العمليات كانت تؤسس لمرحلة جديدة من المواجهة مع الاحتلال, وعندما نقول ان ما قبل معركة مخيم جنين ليس كما بعدها, فذلك لأننا ندرك مدى تطور الفعل المقاوم, وقدرة المقاومين على تجاوز منظومة الامن الصهيونية, فالأداء المقاوم النوعي في الضفة سيتطور ويتعاظم, خلال المرحلة القادم بشكل نوعي, حيث أسفرت العمليات الفدائية بالضفة والقدس والداخل المحتل منذ مطلع العام الجاري عن مقتل نحو 30 صهيونيا وجرح المئات في وتيرة متصاعدة لم يعهدها الاحتلال منذ امد بعيد, وهو يستعد لموجة من العمليات الفدائية لن تتوقف في ظل كل هذا التوغل الصهيوني على شعبنا الفلسطيني العظيم.
التعليقات : 0