بقلم رئيس التحرير / خالد صادق
مرة تلو الأخرى تثبت جنين انها جديرة بالانتصار، وأنها أصبحت عصية على الاحتلال، وان مقاومتها اكتسبت من الخبرات العسكرية مع تتابع عدوان الاحتلال عليها الحنكة والوعي في كيفية احباط مخططات الاحتلال والتصدي له، وكان جيش الاحتلال الصهيوني، اعتقل صباح أمس الاثنين، ثلاثة شبان، بينهم مصابان، بعد إطلاقه النار عليهما خلال اقتحامه مدينة جنين شمالي الضفة الغربية المحتلة، فيما أصيب أربعة مواطنين آخرين، وذلك بعد تسلل قوة خاصة إلى شارع مهيوب في محيط مخيم جنين في حين اندلعت اشتباكات مسلحة مع مقاومين فلسطينيين. وقد دفعت قوات الاحتلال بتعزيزات عسكرية كبيرة تجاه جنين بعد تسلل القوة الخاصة واندلاع الاشتباكات، وسط تحليق من طائرات مروحية لجيش الاحتلال في سماء المدينة. وقال مكتب إعلام الأسرى إن الاحتلال اعتقل الشابين ورد شريم ومعتصم جعايصة بعد إطلاق النار عليهما وإصابتهما بجراح خلال اقتحام مدينة جنين. بينما زعمت صحيفة «يديعوت أحرونوت» العبرية أن قوات الاحتلال اعتقلت ثلاثة «مطلوبين» بزعم التخطيط لتنفيذ عمليات ومحاولة إطلاق قذائف صاروخية. وتمكن مقاومون من إسقاط مسيرة لجيش الاحتلال بعد إطلاق النار عليها, الاحتلال أراد ان ينقل مسرح الاحداث مرة أخرى الى جنين حيث يعد هذا الاقتحام هو الأول لمحيط المخيم منذ شهرين، عقب اجتياح كبير شنه جيش الاحتلال على المخيم أوائل يوليو تموز الماضي، وخلف 12 شهيداً فلسطينيا, وضابطا صهيونيا قتيلاً من جيش الاحتلال, واحدث الاحتلال دمارا كبيرا في المنازل والبنية التحتية في مخيم جنين, بعدما اخفق في استجلاب صورة نصر من المخيم, فاراد ان يخرس الالسنة الى تنتقد أداء الجيش من خلال اظهار مشاهد الخراب والدمار في البنية التحتية, والتي تدل على افلاس الاحتلال وعدم قدرته على تحقيق اهداف العدوان المعلنة بضبط مستودعات سلاح وتدميرها بالكامل .
جنين ورغم حجم المؤامرات الكبيرة عليها سواء من الاحتلال الصهيوني, او عناصر امن السلطة التي تقوم بملاحقة المقاومين واعتقالهم والتعاون الأمني مع الاحتلال الصهيوني وتتبع تحركات المقاومين ومراصدهم, الا انها ستبقى عصية على الاحتلال, وكل يوم تزداد جنين الصمود صلابة في وجه الاحتلال, وتنتقل من حالة الى حالة أوسع واشمل واقوى في مواجهة الاحتلال وافشال مخططاته العدوانية, الاحتلال يتباهى انه استطاع ان يعتقل مجموعة من المقاومين من كتائب القسام الجناح العسكري لحركة حماس, يزعم انهم يقفون خلف محاولات تصنيع الصواريخ والعبوات الناسفة في جنين, ويبدو انه يريد ان يسوق لإنجاز وهمي بعد سلسلة الإخفاقات التي يعانيها, واعتقد ان المقاومة ستثبت له خلال الساعات القادمة انه لم يحقق أي انجاز وان تجارب تصنيع الصواريخ لا زالت مستمرة ولا ترتبط بأشخاص بعينهم, انما هناك فعل متنامٍ للمجموعات العسكرية المقاومة لتطوير سلاحها وقدراتها القتالية, سواء مجموعات القسام او كتائب شهداء الأقصى او كتيبة جنين التي اثبتت قدرات فائقة في مواجهة الاحتلال وتصدت رفقة المقاومة لعملية التوغل الصهيوني في جنين واكتشفت القوة الخاصة عندما حاولت التوغل في جنين واشتبكت معها رفقة الفصائل الفلسطينية المقاومة, وهذا ان دل فإنما يدل على اليقظة والتنبه وقراءة العقلية الصهيونية جيدا والتصدي لها وفق منهجية وتخطيط مسبق, تماما كما حدث في مخيم طولكرم قبل أيام قليلة, عندما نصبت المقاومة عبوة ناسفة لقوات الاحتلال المتوغلة في المخيم, على الطريق الذي ستمر منه دوريات الاحتلال, وكأنها كانت تعرف مسبقا من اين ستمر, ولا زال الاحتلال يقف امام قدرة المقاومة على اكتشاف خط التنقل لقواته, وقدرته على تصنيع عبوة ناسفة بهذه القوة, أدت لتدمير اليات الاحتلال وايقاع خسائر في صفوفه, فالاحتلال بات يدرك اليوم ان عمليات التوغل في المدن والمخيمات لها ثمن.
المعادلات الجديدة التي فرضتها المقاومة في جنين تضعها على خريطة الانتصار, فجنين بمقاومتها وحاضنتها الشعبية جديرة بالانتصار على الاحتلال, لأنها استطاعت الصمود في وجه الاحتلال امام كل المجازر الدموية التي ارتكبها العدو الصهيوني ضدها, جنين عاصمة المقاومة باتت جديرة بالانتصار لعظم العطاء والبذل والتضحيات التي تقدمها على مدار سنوات طويلة, فهي جنين القسام وفرحان السعدي ومحمود طوالبة وهنادي جرادات وأبو جندل, وكل الشهداء الاطهار, جنين تصنع انتصاراتها من ملاحم المعارك البطولية التي خوضتها في وجه الاحتلال, كي تبقى نموذجا في التضحية والفداء والبذل والعطاء كما عودتنا دائما, اليوم جنين تقف على حافة الانتصار وهى تودع شهداءها ومعتقليها وتداوي جرحاها الابطال, تقف جنين على حافة الانتصار وهى تعض على جراحها وتتجاوز عن خطايا الاشقاء الذين باعوا انفسهم للاحتلال, وقاموا بشراكته في الإيقاع بالمقاومين واعتقالهم والزج بهم في سجون السلطة وتعذيبهم, ووصمهم كذبا وزورا وبهتانا انهم اعتقلوا على قضايا جنائية, ورفض الافراج عنهم حتى بعد قرار المحكمة بالإفراج عنهم فورا, لكن أولئك النفر ربطوا مصيرهم بالاحتلال, وتناغموا مع سياساته على حساب شعبهم ومقاومتهم, وقاموا بالتفريط بأبسط الحقوق الفلسطينية, حتى وهم يعلمون ان الاحتلال حولهم الى ميليشيات كتلك التي انشأها العميل اللبناني سعد حداد وانطوان لحد, لقد هان عليهم شعبهم ووطنهم الى هذا الحد, واصبحوا كرقعة الشطرنج في يد الاحتلال يحركها وقتما يشاء وكيفما يشاء, بعد ان تبلدت احاسيسهم, وقست قلوبهم فهي كالحجارة او اشد قسوة, ورغم ذلك ستبقى جنين العزة والاباء, تصنع الانتصار تلو الانتصار حتى دحر الاحتلال عن ارضها, ذلك الاحتلال الذي لم يبقِ لشعبنا خيارا الا التمسك بالمقاومة كخيار استراتيجي لا بديل عنه.
التعليقات : 0