رأي الاستقلال (2959)

موســـم التجــذر فـي الشمـال

موســـم التجــذر فـي الشمـال
رأي الاستقلال

بقلم رئيس التحرير / أ. خالد صادق

ما يشهده قطاع غزة من حرب ابادة جماعية ضد شعب اعزل غير مسبوق فتقارير المؤسسات الدولية كلها تخرج بنتيجة واحدة ان ما يحدث يفوق الخيال والتصور والعقل على كل المستويات سواء بعمليات القتل الممنهج التي تتم على يد الالة القمعية الصهيونية، او سياسة التهجير القسري كما يحدث الان في شمال قطاع غزة، او سياسة التجويع والتعطيش ونشر الامراض والاوبئة وتحويل قطاع غزة الى بيئة غير صالحة للعيش، فدوائر الموت متعددة ومتنوعة وتتسع، ولا يكاد العدو الصهيوني يدخر وسيلة لاجل تحقيق انتصار فعلي في قطاع غزة الا وينفذها ويسعى لتحقيقها مهما كانت هذه الوسيلة غير اخلاقية او مخالفة لكل القوانين والاعراف الدولية، او حتى تسيء الى هذا الكيان وتساهم في تشويه صورته امام العالم، لكن رئيس الوزراء الصهيوني بنيامين نتنياهو وحكومته يخوضون حربهم في قطاع غزة من اجل تحقيق انتصار، ويستخدمون كل الوسائل غير الشرعية للوصول الى تحقيق الاهداف بعيدا عن العالم وقوانينه ومؤسساته واعرافه، فاسرائيل بجيشها تقاتل باساليب العصابات المارقة الهمجية كيف لا وهى التي يتشكل عدد كبير من جيشها من المرتزقة الذين يقاتلون مقابل المال دون ان تحكمهم قوانين او شرائع.


ما يشهده شمال قطاع غزة من قتل وتدمير وتهجير وابادة واعتقالات تعسفية اكبر من ان نتحدث عنه بالكلمات واعظم من ان ترويه الحكايات، فامام محاولات صهيونية مستميتة لتهجير اهلنا في الشمال من بيت حانون وبيت لاهيا وجباليا يتجذر اهلنا في اماكنهم متمسكين بارضهم وبيوتهم ومصرين على الرباط في اماكن تواجدهم رغم القتل الممنهج والتجويع والتعطيش وهدم المستشفيات واخراجها عن العمل، لم يرض اهلنا في الشمال ان ينصاعوا لاوامر الاحتلال ويغادروا اماكنهم، ما جعل الاحتلال يسفك انهارا من الدماء ويهدم البيوت فوق رؤوس ساكنيها ويعدم الشباب ويمارس كل اشكال القتل والتخريب والتدمير ليعدم الحياة هناك، وامام هذا الاجرام كانت اسطورة الصمود والمواجهة والتحدي وبات الاحتلال يحصي خسائره البشرية واللوجستية والعسكرية بشكل يومي ويزيد من جرائمه دون ان يجني نصرا حقيقيا سوى ان العالم بات ينظر لاسرائيل وجيشها على انه كيان مارق وجيش من المرتزقة سفاكي الدماء وباتت اسرائيل معزولة على الاقل على المستوى الشعبي فالشعوب تنظر لهذا الكيان الصهيوني المارق على انه كيان غاصب محتل منفلت يمارس السطو والقرصنة والاعتداء على الغير دون ان تحكمة قوانين او شرائع او اعراف ، ويواجه هذا الاجرام بصمود اسطوري في موسم التجذر في الشمال، والذي يدل على ان اصحاب الحق لا يستسلمون لسياسة القتل والتهجير القصري والتجويع والتعطيش ونشر الامراض والاوبئة ولا تكسرهم حرب الابادة مهما كانت قسوتها.


نعم العالم لا يفعل شيئا لكبح جماح اسرائيل، ولا يتخذ خطوات حقيقية للجم عدوانها على غزة او في لبنان، ويمتثل طوعا او كرها للاملاءات الامريكية، لكن سياسة القتل لا تحقق انتصارات ولا تنهي مقاومة ولا تمنع تحرراً، اسألوا هولاكو وجنكيز خان اسألوا هتلر واسألوا بنغوريون وقولدا مائير واسحاق شامير وشارون هل نسيتم سياسة تكسير العظام والمجازر في دير ياسين وكفر قاسم وصبرا وشاتيلا، لقد ايقظت الشعب وسعرت الثورة في وجه الاحتلال، وايقظت امة من سباتها، ودائما الحرية لها ثمن وثمنها مكلف وباهظ ولكنها في النهاية تشرق شمسها وتعم في ربوع الوطن وتبعث الامن والامان والسلام بين الناس، هذا ما يدركه اهلنا في قطاع غزة وتحديدا في الشمال وهم يفضلون الموت لاجل ان يحيا الشعب الفلسطيني فوق ارضه حياة كريمة بعيدا عن هذا الاحتلال الغاصب، انه موسم التجذر في الشمال الذي سينتهي بحصاد النصر على اعداء الانسانية الصهاينة ومن والاهم.

التعليقات : 0

إضافة تعليق