من أجل الاسرى.. إبادة جماعية تحت الضغط العسكري

من أجل الاسرى.. إبادة جماعية تحت الضغط العسكري
رأي الاستقلال

بقلم / رئيس التحرير أ. خالد صادق

يتذرع رئيس الوزراء الصهيوني بنيامين نتنياهو انه يتفاوض مع حركة حماس تحت الضغط العسكري لأجل اجبارها على قبول شروط "إسرائيل" والافراج عن الاسرى المحتجزين لديها, ويعتقد نتنياهو ان هذا هو الطريق الصحيح الذي سيؤدي في النهاية للإفراج عن الاسرى, ورغم النصائح التي قدمت له من مستشاريه ومسؤولين في الشاباك والموساد بان هذا الطريق ليس هو الأنسب وسينتهي بالفشل ولن يتم اطلاق سراح الاسرى الا بالتفاوض, الا ان نتنياهو مصر على المضي بمخططه هذا والاستمرار بمسلسل القتل وذلك لعدة أسباب من اهمها ان نتنياهو لا يرغب في انهاء عدوانه على غزة والذي يعتبر الحصن الحصين لاستمرار حكومته وبقائها, لان نتنياهو يدرك ان وقف العدوان سيؤدي لانسحاب وزير المالية الصهيوني بتسلئيل سموتريتش, ووزير الامن القومي الصهيوني ايتمار بن غفير من الحكومة وبالتالي تسقط,  كما ان وقف العدوان سيوجه بوصلة الاعلام العبري الى قضايا الفساد التي يحاكم عليها نتنياهو, ووقف العدوان سيثبت عدم قدرة نتنياهو على تحقيق اهداف العدوان التي اعلن عنها مسبقا, وهذا من شأنه ان ينهي مستقبله السياسي تماما, فمن الواضح تماما ان رغبة نتنياهو في الاستمرار في عدوانه الدموي على قطاع غزة يمثل مصلحة شخصية له, وانقاذا لراسة من مقصلة الفساد التي تلتف حول رقبته وتضيق عليه الخناق, فقضايا فساد نتنياهو متعددة ومتنوعه ومتشعبة واخرها "قطر جيت" التي باتت قنبلة موقوتة قد تنفجر في وجهه في أية لحظة, وتنتهي بمحاكمته على تلقي رشاوى.

نتنياهو يقول انه يفاوض تحت الضغط لإجبار حماس على الافراج عن الاسرى بشروط "إسرائيل", والحقيقة ان الضغط ليس على حركة حماس وفصائل المقاومة الفلسطينية, انما الضغط على المدنيين الفلسطينيين الأبرياء, وهذا ما يدركه نتنياهو وجيشه النازي جيدا, الضربات والمجازر كلها في صفوف المدنيين الأبرياء, هناك من اعداد الشهداء الذين تجاوز تعدادهم خمسين الف شهيد نحو ثمانية عشر الف طفل قتلوا بنيران الاحتلال, هذا بخلاف الاف النساء والشيوخ والرجال الذين هدمت البيوت فوق رؤوسهم وهم نيام واستشهدوا تحت القصف, "إسرائيل" تمتلك من رفاهية القتل في صفوف المدنيين الفلسطينيين وقد ابادت العشرات والمئات منهم في سبيل الوصول لاحد المطلوبين, كما حدث في مخيم جباليا عندما استخدمت "إسرائيل" قنابل زنة الفي رطل لاستهداف احد المقاومين, ما ادي لاستشهاد المئات من الأبرياء, وتكرر الامر في مشفى المعمداني باستشهاد نحو خمسمائة مدني فلسطيني في ضربة واحدة, وحدث نفس الامر في منطقة المواصي بمدينة خانيونس, وفي النصيرات وفي مخيم الشاطئ غرب مدينة غزة’ ويحدث في كل يوم في رفح, وسط حالة صمت وتواطؤ إسلامي وعربي ودولي غير مسبوقة, ومباركة ودعم بلا حدود من الإدارة الامريكية, فهذا لا يمكن ان يطلق عليه ضغط عسكري بأي حال من الأحوال انما هي حرب إبادة جماعية ضد شعب اعزل لإجبار المقاومة على تقديم تنازلات, فالضغط على الشعب الفلسطيني, والوسائل التي يستخدمها الاحتلال هي وسائل غير أخلاقية وقذرة وغير إنسانية.

اذا كان الضغط العسكري يستهدف المقاومة كما يدعي الاحتلال الصهيوني, فماذا يمكن ان نسمي اغلاق المعابر واطباق الحصار على قطاع غزة وعدم ادخال المساعدات, وماذا نسمى منع ادخال الادوية والمستلزمات الطبية وعدم السماح للمرضى والجرحى بالخروج للعلاج خارج قطاع غزة, وماذا نسمي منع المياه الصالحة للشرب من دخول القطاع وقصف محطات التحلية, فحجة الاحتلال بالضغط العسكري على المقاومة لأجل اطلاق سراح الاسرى تحمل في طياتها عناصر كذبها, وتخبط الاحتلال في استخدام كل الوسائل غير المشروعة لأجل الافراج عن الاسرى او الخلاص منهم, لان إجراءات الاحتلال في قطاع غزة تنعكس بالتأكيد على أوضاع الاسرى لدى المقاومة, فالقصف العشوائي والقتل قد يؤدي الى تصفية اعداد من الاسرى, وهناك من التقارير الإعلامية من اوضح ان نحو أربعين اسيرا إسرائيليا قتلوا لدى المقاومة في غزة نتيجة القصف العشوائي الصهيوني على القطاع, اما الحصار والتجويع فهو أيضا ينعكس سلبا على الاسرى لان هذا يؤدي الى تردي أوضاعهم المعيشية وصحتهم لعدم توفر الغذاء اللازم والادوية والمستلزمات الطبية, الامر الذي تحدث عنه الاسرى الإسرائيليين في الفيديوهات التي سربتها المقاومة للإعلام وهم داخل الاسر, اذا فالضغط العسكري هو أولا وأخيرا على المدنيين الفلسطينيين, ولن يؤدي الى نتيجة وسينتهي بالفشل, لان حماس أعلنت انه لن يتم اطلاق سراح الاسرى لديها الا بالتفاوض والدخول في المرحلة الثانية من جولة التفاوض والتي قبلت بها ووقعت عليها "إسرائيل" مسبقا.  

لقاء نتنياهو ترامب الثلاثاء الماضي لا يوحي بنية الطرفين انهاء العدوان الصهيوني على قطاع غزة, انما هم يستدرجون المقاومة في خطواتهم للإفراج عن الاسرى الإسرائيليين لديها دون الالتزام بوقف العدوان على قطاع غزة, بل يتحدثان بلسان واحد عن تهجير الفلسطينيين خارج القطاع وقد وجها انتقادا لرئيس الوزراء الأسبق المقبور ارئيل شارون لأنه انسحب من قطاع غزة وسلمه للسلطة, والمقاومة اليوم لا تملك الا ورقة الاسرى كورقة ضاغطة لوقف العدوان على القطاع, وهى لا تملك الا التمسك بهذا الامر, لان القبول بشروط الاحتلال يعني انها حكمت على نفسها بالفناء, وبالتالي سوف تتجذر المقاومة عند شروطها ولن تتنازل عنها بأي حال من الاحوال, و ستبقى الخيارات صعبة ومعقدة ما لم يحدث اختراق يؤدي الى حل بإنهاء هذا العدوان وحرب الإبادة.

التعليقات : 0

إضافة تعليق