كتب رئيس التحرير خالد صادق
كانت الليلة الماضية قاسية على سكان الخيام في قطاع غزة حيث سقطت امطار الخير بغزارة فتفاقمت معاناة سكان الخيام الذين دخلت المياه خيامهم واغرقت اغراضهم و اقتلعت اوتاد الخيام من جذور الارض ليبتلعها البحر . تعالت صرخات النساء وهى تستغيث وبكى الاطفال خوفا ورعبا وتكاتفت سواعد الرجال لانقاذ ما يمكن انقاذه والتخفيف من معاناة سكان الخيام. ومهما حاولنا بالكلمات وصف المشهد المأساوي داخل المخيمات فلن نستطيع خاصة في ظل قلة الامكانيات لدى الدفاع المدني وعدم قدرت المستشفيات على اغاثة المرضى والمصابين الذين تعرضوا للغرق داخلها بمياه الامطار التي غمرت اروقة المشفى ودخلت الى خيام المرضى دون قدرة على مكافحتها لانعدام الوسائل اللازمة لمواجهة الكارثة وحدث هذا ايضا في مؤسسات وجمعيات وتكيات ومراكز توزيع وغيرها في ظل حالة عجز كبيرة عن مواجهتها .
مأساة غزة تتفاقم في ظل تجاهل المجتمع الدولي والادارة الامريكية تحديدا لممارسات الاحتلال ومنعه ادخال لوازم الدفاع المدني والمستلزمات الطبية والادوية والمساعدات ومنع ادخال الكرفانات والخيام والشوادر ما ساهم في زيادة المأساة وتفاقمها الى حد بعيد ففي كل خيمة قصة وحكاية تروى اشكال من المعاناة وتتحدث عن نفسها واصبحت تنتاب الناس افكارا بان هذه المعاناة مستمرة ولن تنتهي وان هذا قدر غزة ان تبقى تنتقل من معاناة الى معاناة ومن مأساة الى مأساة ومن موت الى موت بعد ان انقطع الامل في النصرة من احد الا من الله عز وجل. كل شيء من حول الغزيين يوحي اليهم انهم وحدهم وسيبقون وحدهم بلا نصير وانهم عايهم الا يعولوا الى على انفسهم فقط فلن يعالج احد جرحك عليك ان تعالجه بنفسك ولن ينقذك احد مما انت فيه من مأسي واوجاع واحزان عليك ان تعتمد هلى نفسك حتى وان كانت قدراتك محدودة عليك ان تغيث نفسك من العدم هكذا تعلمت غزة عبر سنين الحرب والعدوان ان تبقى وحيدة تصرخ يا وحدنا.
ربما يتساءل البعض لماذا لم تدخل مستلزمات الاغاثة بعد ان تسلمت الادارة الامريكية ادخال المساعدات عبر معابر الاحتلال الإجابة تكمن في القناعة بأن امريكا هى الوجه الاخر للاحتلال فكلاهما وجهان لعملة واحدة ولا يمكن للادارة الامريكية ان تخرج عن المسار السياسي الصهيوني المرسوم لها لذلك فالفلسطيني يدرك انه يواجه عدو منفلت لا يرحم ولا تلزمة اعراف او قوانين ولا تحكمه شرائع او مواثيق عدو يمارس هواية فطرية مجبول عليها منذ زمن بعيد انه يعيش ويقتات وينمو ويترعرع على عذابات الناس ودمائهم حتى ان الاحتلال يتخطى غزيزته الفطرية التي تصاحبه ليفاقم من المعاناة عبر الدخول في ادق التفاصيل وتسميم الاجواء لانه عدو لا يعترف الا بنفسه ويعتبر الاخرين عبيدا عنده والكل يجب ان يسخر لخدمته لذلك فمأساة الشعب الفلسطيني الحقيقية تكمن في انه بات يدرك انه سيواجه مصيره وحده دون ان يحنو عليه احد وأن الاحتلال سيستمر في عربدته وبربريته وصلفه وسيبقى يعيش المأساة والمعاناة الى ان يتخلص من هذا الاحتلال البغيض.
أمطار الشتاء تكشف حجم الخذلان
رأي الاستقلال


التعليقات : 0