إسرائيل تنوي إنشاء كلية طب في إيلات لاستقطاب الطلاب العرب

إسرائيل تنوي إنشاء كلية طب في إيلات لاستقطاب الطلاب العرب
أقلام وآراء

بقلم/ حماد صبح

تعمل إسرائيل ليل نهار للاندماج في المنطقة العربية الإسلامية، وفتح لها تطبيع علاقاتها مع بعض الدول العربية الباب واسعا لهذا الاندماج، وهي تستغله بمهارة مشهودة بالتركيز على شبكة من العلاقات المتنوعة التي تتصل بالمواطنين العرب والمسلمين. فهذا هو الاندماج الفعال الذي يتجاوز العلاقات الرسمية التي تشكو دائما من برودتها، وتتألم من أن تطبيعها مع العرب خاصة ليس شعبيا، ومن ثم لا يحقق أهدافها التي تريدها، ويبقى عرضة للاختفاء لو تولت الحكم في الدولة المطبعة قيادة جديدة لا تقبل التطبيع معا. العلاقات النافعة والدائمة هي علاقات الشعوب.

 

 وفي هذا المسعى الإسرائيلي، كشف ملحق “ذا ماركر” الاقتصادي التابع ل “هآرتس” أن إسرائيل تنوي إنشاء كلية طب في إيلات لاستقطاب الطلاب العرب بدءا بالمصريين والأردنيين وربما من بلاد الحرمين، وأميركا والدول الإسكندنافية وأستراليا والهند والصين، وستقوم جامعة أو عدة جامعات أجنبية بتنفيذ المشروع بالتعاون مع مستشفي يوسفتال التابع لصندوق كلاليت الصحي الإسرائيلي. وسيكون التدريس في الكلية بالإنجليزية لا بالعبرية، والهدف العلني للكلية هو الهدف الذي تردده إسرائيل دائما منذ إنشائها:” السلام بين شعوب المنطقة وإسرائيل.”.

 

والهدف الحقيقي هو أن يكون طلاب الكلية، خاصة العرب، وسيلة إسرائيلية للنفاذ إلى المجتمعات العربية، وتقديم صورة إنسانية جميلة لإسرائيل تغاير حقيقتها الهمجية الموغلة في القبح والدموية، وفي اعتبار كل العالم أغيارا سيئين، وحفلت مسيرة أعلامهم الأخيرة التي وصفها جدعون ليفي في” هآرتس” بالملعونة؛ بالإشارة إلى هذه الغيرية . وسيكون لكل استخبارات إسرائيل نشاط سري في الكلية لتجنيد العملاء خاصة من الطلاب العرب، ولن يفلت الطلاب الأجانب من شرور هذا النشاط.

 

ورب قائل إن طلابا كثيرين من فلسطينيي 1948 يدرسون في الجامعات الإسرائيلية، فلماذا التحذير من دراسة طلاب عرب في الكلية المنوي إنشاؤها؟! واضح أن الفرق بين الحالتين واسع. الطلاب الفلسطينيون مضطرون للدراسة في الجامعات الإسرائيلية بحكم واقعهم الذي أجبروا عليه، ومنهم من يدرس في الجامعات الفلسطينية في الضفة، وفي الجامعات الأردنية. وهم على خبرة بحكم واقعهم بكل خبائث وشرور الكيان الذي حشروا فيه ظلما وغصبا، ودائما يجسدون انتماءهم الوطني الفلسطيني، وشهدنا إحياءهم لذكرى نكبة شعبهم الخامسة والسبعين في دائرة مباني الجامعات التي يدرسون فيها.

 

 والطلاب العرب الذي تستهدفهم إسرائيل للدراسة في كلية الطب التي تنوي إنشاءها؛ ليسوا في ضائقة الاضطرار الذي ابتلي به الطلاب الفلسطينيون. الكلية المرادة مصيدة للطلاب العرب والأجانب، وتركيزها سيكون على الطلاب العرب. والحض على الحذر منها يعم كل مشروعات التقرب الإسرائيلي من العرب والمسلمين. هذا كيان لا يأتي منه إلا القتل والتآمر والإفساد بكل أشكاله متنافرا كليا مع ثرثرته المزيفة الكاذبة عن السلام. سرق وطنا ، وقتل وجرح عشرات الآلاف من المواطنين العرب ، واعتقل بعد عدوانه في 1967 مليون فلسطيني، ويستولي يوميا على الأرض الفلسطينية ، ويهدم البيوت ، ويهلك المزارع ، ويعتدي يوميا على حرمة المسجد الأقصى والحرم الإبراهيمي ، ويسب غوغاؤه وبعض وزرائه مثل ميري ريجف  رسولنا الكريم _ عليه أفضل الصلاة ، وأتم التسليم _ والهتاف الأثير  لأراذل مستوطنيه : ” الموت للعرب ” ، ويهذي بالرغبة في مسالمة الذين يتمنى لهم الموت ، ويحاصر غزة ويهاجمها  بضراوة دامية بين عام وآخر ، وطائراته بين مقاتلة وزنانة لا تغادر سماءها مزعجة مقلقة . رغبته في السلام مع العرب كاذبة مزيفة مضللة، وتمنيه الموت لهم صادق يتوقد في نفسه الموبوءة المظلمة.

 

 ويقول رئيس بلدية إيلات إيلي لانكري المتحمس للمشروع:” للوهلة الأولى يبدو الأمر كأنه خيال.”، فليجعله العرب خيالا لا تحقيق له بالحذر منه سلفا، وبمقاطعته إن أنجز. إسرائيل تجول في المنطقة العربية والإسلامية بأحلامها وأوهامها وأكاذيبها وأخاديعها كأنها منطقة منزوعة العمق الديني والقومي والثقافي والسلاح والإرادة مثلما جال المستوطنون الأوربيون في بلاد الهنود الحمر وآسيا وأفريقيا. وجولان أولئك المستوطنين القدامى مفهوم بحسبان قوتهم ووفرة سلاحهم مقايسة بشعوب تلك المناطق، وعار كبير على العرب والمسلمين، أبناء القرآن، وصانعي أعظم الحضارات البشرية رقيا وإنسانيا، وكتلة المليارين من الأنفس، أن يبيحوا لكيان أجوف عدواني ضئيل متنمر أن يستخف بهم هذا الاستخفاف المروع.

التعليقات : 0

إضافة تعليق