ستمائة يومٍ من الأهوال والعالمُ يتفرّج

ستمائة يومٍ من  الأهوال والعالمُ يتفرّج
تقارير وحوارات

كتب رئيس التحرير: خالد صادق

قتل ممنهج وهدم بيوت وتشريد وتهجير وتجويع وتعطيش ونشر أمراض وأوبئة، لا يكاد الاحتلال يتردد لحظة واحدة في استخدام كل الأهوال في قطاع غزة إلا وقد استخدمها بكل وقاحة وصلافة وعنجهية، خرج الاحتلال الصهيوني من طور الإنسانية وتجرد من كل معانيها وارتدى لباس البربرية والنازية والفاشية ولم يترك وسيلة مهما كانت رخيصة ووحشية إلا وقد استخدمها بحق الفلسطينيين، القصف على البيوت ليل نهار لا يكاد يتوقف إعدام الغزيين وحرقهم والتنكيل بجثثهم والاعتداء على الأموات ونبش قبورهم وقصف المستشفيات وأماكن الإيواء وقصف محطات المياه وتكيات الطعام والمساجد على رؤوس المصلين واستهداف مخازن الغذاء والأدوية التابعة للمنظمات الدولية بالإضافة لمنع سيارات الإسعاف والدفاع المدني من الوصول للجرحى والشهداء وإجلائهم ومنع الدفاع المدني من إطفاء الحرائق المشتعلة واستخراج الضحايا من تحت الأنقاض وقصف سياراتهم وقصف سيارات الإسعاف، واستهداف البلديات ومراكز الشرطة والجمعيات الخدماتية ومقرات الوكالة (الأونروا) والأسواق واستخدام صواريخ تزن ألفَي رطل وريبوتات ضخمة وصواريخ حارقة ومحرمة دولية وطائرات انتحارية مفخخة وكواد كابتر وطائرات حربية لقصف الفلسطينيين في بيوتهم ومخيماتهم وفي خيامهم، لم تبقَ أية وسيلة إلا وقد استخدمها الاحتلال لقهر الفلسطيني وقتلِهِ وحسم المعركة لصالحِه، لكن بعد ستين يومًا من الأهوال لا زال الاحتلال عاجزاً عن حسم المعركة وتحقيق أهداف العدوان على قطاع غزة التي أعلن عنها مِرارًا وتكرارًا.
الناس تتحدث عن أهوال يوم القيامة وأن ما يحدث يفوق الخيال لدرجة أن المشاعر تبلدت في عالمنا العربي والإسلامي، ودخل الناس في غيبوبة لا ندري متى يستفيقون منها والعالم المتحضر بمؤسساته الدولية الإنسانية والحقوقية وقوانينه وأعرافه ومواثيقة لم يستطِع التقدم خطوة واحدة لرفع كل هذا القتل عن الفلسطينيين، واكتفى بتسويق الشعارات والتهديد باتخاذ إجراءات وخطوات بعد ستمائة يوم وأكثر دون أن نلمس خطوة عملية واحدة تردع «إسرائيل» أو حتى تخفف من إجراءاتها النازية بحق الفلسطينيين. ذاك العالم غض الطرف عامداً متعمداً عن جرائم الاحتلال ولا زال يدعم «إسرائيل» سياسياً واقتصادياً وعسكرياً وينحاز إليها؛ لأنه لا يرى فينا بشراً تستحق الحياة، أما العالم العربي والإسلامي فحدِّث ولا حرج لم يكتفِ بالصمت والحيادية إنما كان هناك دعم لسياسات الاحتلال بكل أشكال الدعم التي تتخيلها من بعض الدول، هناك بلاد عربية تفتح أراضيها لتدريب العسكريين الإسرائيليين على قتل الفلسطينيين وإبادتهم، وهناك بلاد عربية أخرى تلاحق الفلسطيني ومَن يتعاطف معه وتزج به في السجون والمعتقلات وتلفق لهم التهم وتحاسبهم على مجرد تعاطفهم مع فلسطين؛ لأن التعاطف مع فلسطين بات جريمة يحاسب عليها القانون، وهناك دول تضخ المليارات والترليونات لصالح أمريكا و»إسرائيل» وتتنكر للقضية الفلسطينية وتشوهها؛ لضمان سلامة عروشها وبقائها على سدة الحكم إلى أن يرث الله الأرض ومَن عليها.
ستمائة يوم من الأهوال في قطاع غزة مصحوبة بالقهر والخذلان وكل ما لا يمكن أن يتخيله عقل، والفلسطيني لا زال صامدًا يسطر ملحمة من الصمود والثبات أذهلت العدو الصهيوني قبل أن تذهل العالم كله، وجعلت الصهاينة يتناحرون فيما بينهم على طرق وكيفية الوصول إلى النصر المطلق على الفلسطينيين دون أن يصلوا إلى إجماع، فالخلافات تتزايد بينهم والفجوات تتسع والمواقف تتباعد والله عز وجل يخبرنا عن ذلك فيقول عز من قائل: «تحسَبُهُم جَميعًا وقُلوبُهُم شتّى».

التعليقات : 0

إضافة تعليق